عمت التظاهرات معظم محافظات العراق السبت الماضي رفضا لامتيازات اقرها البرلمان لنفسه ولكبار مسؤولي الدولة، منددين بما اعتبروه “سرقة” للشعب.
واقر البرلمان العراقي قبل نحو اسبوعين قانونا تقاعديا يشمل كبار الموظفين الحكوميين، ويضمن للنواب ولهؤلاء الموظفين امتيازات بينها راتب مدى الحياة بنسبة قد تصل الى سبعين بالمئة من الراتب الحالي الذي يبلغ اثني عشر الف دولار.
وجابت التظاهرات التي شارك فيها الاف مدنا مختلفة في محافظات بغداد وواسط والحلة وكربلاء والنجف والعمارة والناصرية والديوانية والبصرة وكركوك.
ففي بغداد، تجمع المئات في ساحة الفردوس وسط العاصمة وهتفوا “تقاعدكم باطل”، و”اين طاعة المرجعية يا اتباع المرجعية”، في اشارة الى رفض المرجعية في النجف لهذا القانون.
وانتقد المرجع الاعلى علي السيستاني الامتيازات التي اقرها البرلمان العراقي لنفسه ولكبار مسؤولي الدولة “دون وجه حق” واعتبرها “غير منطقية” مطالبا بإلغائها.
والاسبوع الماضي دعا السيستاني على لسان ممثله في كربلاء عبد المهدي الكربلائي “المحكمة الاتحادية الى ألا تمرر هذه المادة من القانون المخالفة لروح الدستور، الذي ينص على ان جميع المواطنين يتساوون من دون تمييز وان الدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميعهم”.
وفي العمارة جنوب البلاد، تقدم محافظ المدينة علي دواي تظاهرة رفعت لافتة كتب عليها “الشعب والمرجعية موقف وهدف ويد واحدة ضد سرقات النواب”، وسط هتافات رافضة للقانون بينها “قانون التقاعد وامتيازات المسؤولين المخالفة للمطالب الشعبية والمرجعية”.
وفي محافظات اخرى بينها بابل جنوب بغداد، رفع متظاهرون في الحلة اعلاما عراقية ولافتات كتب عليها “لن نسكت على خيانتكم ايها البرلمانيون” وهتفوا “باكونا (سرقونا) نواب الحلة”.
يذكر انه بعدما اقر البرلمان القانون بموافقة 130 نائبا حضروا جلسة التصويت من بين 170، تنصلت الغالبية العظمى من الاحزاب من التصويت لصالحه، واصدرت بيانات رافضة له.
ويتجاهل القانون الجديد المطالبات الشعبية وقرارات مجلس القضاء التي ألغت قانونا سابقا يرفع راتب النائب التقاعدي الى 80 بالمئة من راتبه الفعلي.
ويستثني القانون الجديد النائب من الحد الأدنى لسنوات الخدمة المطلوبة.
وينص القانون على صرف راتب شهري يبدأ من 150 الف دينار (120 دولارا)، للموظف العام الذي يخدم عشر سنوات كحد ادنى، لكنه يكافئ اعضاء مجلس النواب الذين خدموا اربعة اعوام بأكثر من سبعين بالمئة من الراتب الذي يتجاوز 11 الف دولار، بحسب نواب معارضين.
في المقابل، يمنح القانون الجديد كل موظف عام خدم ثلاثين سنة وتجاوز الخمسين من العمر كحد ادنى، 400 الف دينار شهريا ( 325 دولارا) بدلا من 250 الفا (200 دولار) في الشهر.
وفي سياق متصل كشفتِ اللجنة القانونية البرلمانية اسرار جلسة تمرير قانون التقاعد الموحد ومن صوت مع فقرته (38) التي منحت رواتب تقاعدية للنواب واصحاب الدرجات الخاصة في رئاستي الوزراء والجمهورية. واشارت الى ان الاعتراض عليها بالمحكمة الاتحادية يعني منح الدرجات الخاصة امتيازات كبيرة تم الغاؤها بالقانون.
وقال نائب رئيس اللجنة امير الكناني “ان اللجنتين المالية والقانونية في البرلمان هما المسؤولتان عن اعداد قانون التقاعد الموحد الذي رفع الحد الادنى لشريحة كبيرة وخفض الرواتب التقاعدية لاصحاب الدرجات الخاصة الذين كانوا يتقاضون 80 % من اخر راتب تقاضوه بغض النظر عن الخدمة بحسب الفقرة 38 من القانون، مبينا ان اللجنتين خفضتا رواتب الدرجات الخاصة الى 25 % وتم اخذ رأي جميع الكتل السياسية بهذا الامر والتي حضرت الاجتماعات واعلنت صراحة موافقتها وزاد بقوله “تم أخذ موافقة رئيس كتلة الفضلية عمار طعمة وممثل دولة القانون ورئيس اللجنة المالية حيدر العبادي وممثل الكرد فؤاد معصوم والتيار الصدري والقائمة العراقية”، مشددا على ان قانون التقاعد الموحد لم يطرح للتصويت الا بعد الاتفاق على جميع فقراته من كافة الكتل السياسية لذلك فهو قانون توافقي، بحسب قوله.
واضاف الكناني ان الكتل السياسية لم تتدخل بمنع نوابها بالتصويت على اية فقرة وتركوا الخيار للنائب بالتصويت بنعم او لا على فقرات القانون، الذي لم يعترض عليه وعلى فقراته الا خمسة او عشرة نواب من الحاضرين في الجلسة والذين كان عددهم 190 نائبا، مبينا ان من اعترض كان قد تاكد بانه سيتم تمريره، وأوضح ان اعتراض هؤلاء جاء للمزايدات السياسية كما حدث مع كتلة الفضلية التي حضرت اجتماعات اعداد القانون وطالبت بوضع الفقرة 38 وباركت في مؤتمر الائتلاف الوطني تمرير القانون، ثم اعترضت عليه في مؤتمر خاص بها.
وأوضح نائب رئيس اللجنة القانونية “يجب اولا ان يصادق على القانون من قبل رئاسة الجمهورية وينشر بالجريدة الرسمية ثم يحق لكل شخص سواء كان نائبا او عضو في الحكومة او مواطن تقديم اعتراض عليه”.
واشار الى انه في حال استجابة المحكمة الاتحادية، فان فقرة 38 ستلغى ويتم العودة الى القوانين الماضية التي كانت تمنح امتيازات كبيرة متمثلة بـ 80% من اخر راتب للوكلاء والمستشارين والدرجات الخاصة في الهيئات المستقلة (من غير النظر لمدة الخدمة) والتي يزيد عددها عن (26) هئية لان المحكمة الاتحادية لم تلغ رواتبهم.
الى ذلك، حذرتِ اللجنة القانونية البرلمانية من مغبة تعديل الفقرة 38 من قانون التقاعد العام لانها ستعيد التقاعد للمسؤولين والسياسيين بنسبة 80 % من اصل رواتبهم الكلية، مبينا انه لايسمح الان باعادة التصويت على القانون او احدى فقراته لانه خرج من البرلمان حاليا.
وقال نائب رئيس اللجنة القانونية النائب امير الكناني ان قانون التقاعد العام الموحد الذي جرى التصويت عليه تحت قبة مجلس النواب جرى تمريره بالاجماع بين الكتل السياسية ونوابها بعد ان كانت هناك اجتماعات مشتركة بين اللجنتين المالية والقانونية تم خلالها الاطلاع على جميع المواد وفقرات القانون وحصل اجماع على تمريره من كل النواب بعد صياغة الفقرة الخلافية التي تخص البيشمركة وصياغتها بالطريقة التوافقية. وبين ان التصويت داخل قاعة مجلس النواب كان ايجابيا ولم تكن هناك أية معارضة من أية كتلة سياسية، لكن كان هناك بعض التوجهات للنواب بالتصويت على بعض الفقرات ومنهم ممن لم يصوت، والكل كان متفق على تشريعه، برغم تحفظ البعض على فقرات محددة لكن ليس الاعتراض على القانون.
واضاف الكناني ان ما اثير حول فقرة 38 التي تم التصويت عليها التي تخص تقاعد النواب امر يعد افضل من العودة لتقاعد الهيئات والرئاسات بمنح 80% من امتيازات الرواتب العليا للراتب الكلي لا الاسمي للمسؤولين والسياسيين، وان مجلس النواب حرص على تخفيضها الى 25%، وفي حال إلغاء الفقرة 38 فانه سيتم العودة للرواتب السابقة والامتيازات التي تحدد 80 % من الراتب الكلي للمسؤولين. وبشأن تعديل القانون اكد الكناني انه يجب ان يتم تقديم مقترح حول تعديل قانون التقاعد والفقرة 38 منه بعد ان يرسل القانون الى رئاسة الجمهورية والموافقة عليه ونشره بالجريدة الرسمية. واثار تصويت اعضاء مجلس النواب على قانون التقاعد الموحد حملة سخط واستياء شعبيا كبيرا باعتبار ان التصويت على الفقرة 38 منحت الرئاسات الثلاث ومسؤولي الدولة السياسيين تقاعدا ضخما ماولد سخطا لدى الاوساط السياسية الامر الذي دفع رؤساء الكتل السياسية ان تتدخل لاتخاذ اجراءات بحق اعضائها في البرلمان.