يعود الزواج على بعض الشركاء بفوائد كبيرة تجعلهم أكثر استقرارا وسعادة، ولكنه قد يحمل معه العديد من المفاجآت غير السارة التي تعكر صفو البعض الآخر وتجعلهم يصارعون أخطر الأمراض، خاصة إذا انعدمت لديهم مهارات إدارة الأزمات التي تطرأ على حياتهما المشتركة.
وتمثل المشاجرات التي تقع بين الشريكين في المنزل من أهم المحفزات للإجهاد على المدى الطويل، والذي يعوق بدوره الرجال والنساء عن الاستجابة للتجارب الإيجابية في زواجهم.
وأشارت دراسة أجرتها جامعة ويسكونسين ماديسون وأشرف عليها الطبيب النفسي ريتشارد ديفيدسون إلى أن النمط العاطفي هو ما يجعل الناس أكثر عرضة للاكتئاب.
وبينت أن التعرض لمضايقات أو انتقادات أو الشعور بالإهمال أو الإحباط من شريك الحياة، جميعها أسباب تؤدي إلى الشعور بعدم الرضا عن الحياة الزوجية، وقد تتطور مع الوقت ومع ضغوط الحياة إلى نوع من الاكتئاب.
وأوضح أطباء أميركيون أن الزواج المليء بالمشاكل والمناكفات والقلق لا ينعكس على الصحة النفسية فحسب، بل يمكن أن يزيد من مخاطر الوفاة المبكرة، إذ اكتشفوا من خلال دراسة طويلة المدى، أن الصحة الجسدية للزوجين مرتبطة بجودة الحياة الزوجية ومقدار التفاهم أو الخلاف بينهما.
وأشارت الدراسة التي دامت عشرين عاما إلى أن الأزواج الذين يكثر الشجار والمجادلة بينهم يشكون من مشاكل صحية أكثر، إذ تتسبب المشاكل الزوجية في مئات الوفيات الإضافية كل عام.
وأجمعت عدة أبحاث على أن المشاكل الزوجية ترفع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وتشجع أيضا على العادات السيئة مثل الإدمان على الكحول والمخدرات.
المشاكل الزوجية ترفع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وتشجع على العادات السيئة مثل الإدمان على الكحول والمخدرات
ويواجه الرجال الذين يتعرضون للتأفف والتذمر من الشريك احتمالا للموت في غضون عشر سنوات، مقارنة بالرجال الذين يعيشون علاقات هادئة.
كما يؤثر الاستمرار في علاقة زوجية مليئة بالمشاحنات سلبا على هرمونات المرأة، ويكون أكثر وطأة عليها، وبسبب حساسيتها المفرطة فإن الأحداث السلبية في علاقتها الزوجية تنعكس على صحتها النفسية والجسدية.
ويصل معدل الوفيات بشكل عام لدى النساء المتزوجات إلى أربعين بالمئة مقارنة بغير المتزوجات، وتنزل النسبة إلى دون ذلك في صفوف الرجال المتزوجين.
وأرجع الخبراء ذلك إلى القدرة المكتسبة على التعامل السليم مع التوتر والضغوط، مشيرين إلى أن العلامة المميزة للزواج الصحي تكمن في فن إدارة الشريك للأزمات التي تطرأ على علاقته الأسرية.
وقال إيرنست هاربورغ، الباحث بجامعة ميشيغان الأميركية إن الأسر التي لا تترك غضبها يطفو على السطح أكثر عرضة للموت من تلك التي يبوح فيها أحد الزوجين للآخر بما ينتابه من غضب تجاهه.
الرجال الذين يتعرضون للتأفف والتذمر من الشريك يواجهون احتمالا للموت في غضون عشر سنوات
وحاول هاربورغ وزملاؤه معرفة تأثير الغضب المكتوم، وما ينجم عنه من استياء على حياة 192 زوجا منحدرين من الطبقة المتوسطة بميشيغان تمت متابعتهم ما بين 1971 و1988، وتوصلوا إلى أن الأزواج الذين اعتادوا كتم غيظهم عن بعضهم البعض، كانت نسبة تعرضهم للموت خمسة أضعاف أولئك الذين تعودوا على الخصام والجدال.
ودعا النساء والرجال تعلم كيفية التصالح وفض النزاعات إذا نشبت فور بدء حياتهم الزوجية، في حين اقترحت المجموعة الطبية الأميركية مايو كلينيك مجموعة من الاستراتيجيات لمساعدة الأزواج على التخفيف من وطأة الضغوط الحياتية والخلافات الزوجية.
وتتمثل في حسن التعامل مع الدخل المادي، سواء عن طريق المشاركة في تحمل المصاريف، أو بالاكتفاء بالمشاركة في حُسن تدبير الإنفاق والادخار.
كما أكدت على ضرورة توسيع شبكة الدعم النفسي والاجتماعي، وذلك عن طريق توطيد العلاقات الاجتماعية، والأهم من ذلك هو إنجاب الأبناء الذي يلعب دورا كبيرا في إعطاء الدعم النفسي والعاطفي للمتزوجين ويزيد في تقوية علاقتهم العاطفية.
كما أكدت على أهمية تغيير سلوكيات الحياة اليومية بالممارسة المشتركة للأنشطة الرياضية، والقيام بالرحلات الترفيهية التي من شأنها أن تبعد روتين الحياة الزوجية وتنعش مشاعر الحب بين الشريكين.