بغداد/المسلة: أثار نبأ أوردته مصادر اعلامية متعدّدة يفيد بان محافظ النجف عدنان الزرفي، يروّج لنفسه، مرشحاً، خلفاً لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، على رغم الشكوك في مؤهلاته الاكاديمية والسياسية، عدا اجادته “المحدودة” للإنكليزية، ما أثار سخرية ودهشة بين الأوساط الشعبية وعلى مستوى النخب ايضا، في انحاء مختلفة في العراق مثلما اوساط المجتمع النجفي الذي شهد تجربة قيادة الزرفي للمحافظة، مذكّرا بقدراته السياسية والقيادية المحدودة وفشله في ارساء دعائم تنمية شاملة للمحافظة على رغم الإمكانيات المادية الهائلة.
وفي الوقت الذي يَسْخر فيه عراقيون من الغرور الذي يعتلي الزرفي ويصوّر له نفسه “نداً” مكافئا للمنافسة على كرسي رئاسة الوزراء، فانهم يسهبون في شرح الكثير من جوانب الفشل في قيادة الزرفي للمحافظة، مؤكدين رغبتهم في “التغيير” عبر الانتخابات التي ستزيح الزرفي وبطانته عن مقدرات المحافظة.
وبحسب مصادر تابعتها “المسلة” فان، الزرفي يوظّف امكانية المحافظة دون وجه حق في الدعاية السياسية لنفسه عبر شبكة اعلامية تروّج لفكرة تضمين اسمهُ ضمن اسماء المرشحين لتولي رئاسة الوزراء، في حال عدم امكانية حصول نوري المالكي على ولاية ثالثة.
ورصدت “المسلّة” على النت، ملامح هذه الحملة الاعلامية في بعض المواقع الالكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” وتويتر”، تتضمن شعارات انتخابية مثل “انتخبوا الزرفي ليكون رئيس الوزراء القادم”، مفارقة دعائية تبين بنظر البعض الغرور “الوصولي” الذي اصاب الزرفي، الذي وجد نفسه في صدفة اخطأها منطق التاريخ، مسؤولاً عن اهم محافظة في العراق لمكانتها الدينية والروحية، اضافة الى اهميتها الاقتصادية كمصدر رئيس للسياحة الدينية.
وأحد جوانب الحملة الاعلامية ما روَّجَ له عن اختياره افضل سياسي للعام 2011 في استفتاء لم يتعد المشاركون فيه الـ 250 فرداً، اشرفت عليه ماكنته الاعلامية!!.
بل ان من اساليب الدعاية التي تثير امتعاض أهالي النجف، انتشار عبارة “برعاية السيد محافظ النجف…”، في كل زاوية وركن في المدينة، ما اضطرّ البعض الى الكتابة على الجدران في تهكّم وانتقاد للمحافظ “برعاية السيد المحافظ.. يقوم زبالو النجف بجمع الزبالة”.
هذه العُقدة في النقص التي توسّع مدياتها غياب المؤهلات، تجعل من الزرفي يُناور ويُبالغ لقلب الحقائق، ذلك انّ الرجل الذي يعاني من كونه شخصاً “مغمور” الماضي على رغم تبوّأه اليوم، منصباً مهماً في الوقت الحاضر، جعلته يذهب بعيداً في تمجيد شخصه، الى الحد الذي سخّر كتاباً وإعلاميين للتمجيد في فكره على غرار هوس الدكتاتوريين المهووسين بتمجيد الذوات، ففي الحوار المتمدن نقرأ مقالاً، حمل عنوان “المرأة في فكر عدنان الزرفي” ما جعله مصدرا للطرائف والانتقادات اللاذعة بين الاوساط الشعبية ، فلم يعرف للرجل فكرا منشورا لا شفاهيا ولا تحريريا يعالج وضع المرأة او غيرها من قضايا المجتمع العراقي .
غير ان ناشطاً رقمياً كتب في “تويتر” ان الزرفي لا يستحق قيادة محافظة النجف لأنه “شخصية منافقة، ومخادعة”، فيما اعتبر ان “فساده يعرفه القاصي والداني من ابناء المحافظة”.
وتشير سيرة الزرفي المولود العام 1966، في الكوفة، انه هرب الى مخيم “رفحا” بالسعودية بعد انتفاضة 1991، ومنها غادر الى امريكا.
وفي تفاصيل فترة بقائه في معسكر رفحاء، انه دخل السجن في السعودية بعد اتهامه بمقتل شخص.
وبحكم قربه من أوساط امريكية باعتباره مترجماً، عُين في حقبة الحاكم المدني الامريكي بول بريمر، محافظاً للنجف.
لكن الزرفي يسرّب المعلومات عمداً بحسب الذين عايشوه وعملوا معه، بان له علاقات خاصة وحظوة لدى واشنطن حين كان للأمريكان النفوذ الرئيسي في البلاد، لكنه بعد الانسحاب الامريكي، اشاع عكس ذلك خوفا على نفسه من اتهامات التعاون مع الامريكان، والارتباط بأجندتهم.
بل ان هوسه بـ”الموديل الامريكي” في السياسة والحياة، جعلته يؤسس لطاقم حماية على النمط الأمريكي، يرتدي افراده الزي الموحد ونظارات سوداء، في الليل، وحتى عند انطفاء الكهرباء.
يقول مراقب لنشاطات الزرفي، “انه يركب الموجة ويسير معها حيث تسير، ففيما بدا منفتحاً ليبرالياً خلال الحقبة الامريكية في العراق، بات متطرفاً دينياً وفكرياً، ارضاءً لاتباع التيار الصدري، و ملتزم دينياً، لتفنيد شائعات عن حياة خاصة ماجنة يعيشها”.
ان التلوّن الذين طبع سلوك الزرفي السياسي، ادى به لان يكون منبوذاً من جميع الاطراف، فقد تصارع مع عناصر جيش المهدي على مراكز النفوذ في المدينة، الذين اتّهموه يومها بتأليب الامريكان عليهم وتشجيعهم على اجتثاث الصدريين، وأظهر “وداً” لإياد علاوي حين اعتقد انه رجل المرحلة المقبلة، واختلف مع المجلس الاعلى، على المكاسب السياسية والانتخابية.
بل ان الكثير من اهالي النجف يحمّلون الزرفي مسؤولية الكثير من المعارك التي دمّرت احياء النجف التاريخية القديمة، بسبب نفاقه السياسي، واشعاله فتيل الازمات بين الاطراف السياسية ما جعل اهالي النجف وقتها يخرجون في مسيرات حاشدة نددت بالعنف، الذي كان الزرفي أبرز صانعيه.
ولم يكن أمراً مستغرباً اذن لأهالي النجف، وهم يستمعون الى كشف آمر فوج طوارئ النجف، وقتها عبر احدى الفضائيات لانتهاكات مالية وقانونية وحتى في مجال حقوق الانسان، بعد انتهاء ولايته الاولى وتوليه منصب وكيل وزارة الداخلية للشؤون الاستخبارية، لكنه أنكرها متهما المجلس الأعلى بالترويج لها.
واكثر مظاهر فساد الزرفي، الذي يرصده ابناء المحافظة، توزيعه لنحو مائة قطعة سكنية وسط المدينة، لشخصيات من حركته المسماة “الوفاء للنجف” التي تحوّلت الى “الوفاء العراقي”، بعد ان فَتَح مكاتب لها في عدد من المحافظات، ارضاءً لغروره السياسي الذي يصوّره قائداً لجميع العراقيين وليس لأبناء النجف، فقط.
لكن اين الزرفي من هذا الطموح، وهو الذي لم يستطع ادارة محافظة واحدة، وتسبّب في شقاق وخلافات بين أطرافها السياسية.
واين هو من ذلك وقد إتُّهم بإشرافه على مكتب استخبارات “سري” خاص بالتعذيب، بحسب “نجفيين” صرحوا بذلك لوسائل الاعلام، عن تعرّضهم الى انتهاكات جسدية ومعنوية، على يد أفراد جهازه الامني، وعناصره حمايته.
ومن مظاهر فساد الزرفي أيضاً – يقول مواطن نجفي-، سعيه الى النجاح في كلية الشريعة والحصول على الشهادة بالقوة، والتخويف، لكن ذلك لم يُجد نفعا، فقد تم فصله من الدراسة بسبب الغيابات، بعدما رفضت الادارة الخضوع لسطوته.
وفي تفاصيل فساد المحافظ “الطموح”، امتلاكه لشركة “تاكسي” تحتكر خدمات المطار، وحصوله على اجازات استثمار لمجمعات سكنية، خلافا لقانون المناقصات بالتنسيق مع شركة يديرها احد مستشاري نبيه بري.
ويقول مصدر مطلع ان الزرفي لا يكتفي بالعمولات لان نزعته الاستحواذية وعطشه الشديد الى المال جعلته زعيماً لشبكة فساد واسعة، تسيطر على اغلب المشاريع الاستثمارية، امتدّ نفوذها الى خارج النجف عبر شركة “روتام”، التركية التي بَنَت دار “الاوبرا “،على شاطئ دجلة مقابل السفارة الايرانية في الصالحية.
وفي كل تجمّع صغير أو كبير بين ابناء النجف، يدور الحديث عن صفقات فاسدة في مشروع النجف عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2012، حيث استطاع بنفوذه إبعاد الشركات عن فرص الاستثمار ليؤول الامر الى شركة “روتام” أيضاً، التي أحال لها تنفيذ المشروع بمبلغ 96 مليار دينار.
بل ان هناك من يشيع انّ للزرفي، شقيق اسمه عماد ولقبه الامريكي “مايكل”، يحمل الجنسية الاميركية، كان قد اقترض مبلغ مليونيَ دولار من مصرف امريكي، وجهات في الامارات وبريطانيا بحجة استثمارها في شركة مقاولات يملكها، فيما صدرت مذكرة اعتقال بحق شقيقه الثاني مازن من قبل البوليس الدولي “الانتربول” بتهمة الاحتيال، والحصول على اموال ضخمة عبر ايهام شركات عالمية بالاستثمار في النجف، لكن نفوذ الزرفي ضيّع المذكرة، في ادراج مكتب مديرية شرطة المحافظة، واستمر مازن في ادارة قناة “الوفاء للنجف” التابعة لحزب الزرفي.
وأظهرت وثائق رسمية ان تخصيصات التنظيف لمحافظة النجف في 2011 كانت 18 مليار دينار عراقي، ورغم كل هذه المليارات التي صرفت على التنظيف عاشت النجف في 2012 حالاً مأساوياً في مجال التنظيف بعدما تجمّعت النفايات في مناطق واحياء النجف، ما اثار استياء واسع داخل الشارع النجفي.
وفي العام 2012 رفض رئيس الوزراء نوري المالكي استقبال الزرفي،بحسب محمد الشمرتي مسؤول الحماية الشخصية للزرفي بسبب امتعاظ المالكي من تصريحات محافظ النجف التي ارجعت الغاء مشروع النجف عاصمة الثقافة الاسلامية، الى رئاسة الوزراء.
انّ الخلاصة، في قصة الزرفي، انّ الانتخابات المقبلة ستكشف رصيده الشعبي الحقيقي، مالم تتمكّن ماكنات الفساد من تتويجه مرة أخرى على عروش المسؤولية الخاوية ، لم تثمر عن انجاز يذكر طيلة الفترة المنصرمة.