جدد الزعماء العراقيون عزمهم على تطهير الارض العراقية من العصابات الارهابية وانقاذ الشعب العراقي من جرائمها.
واكدوا في كلماتهم في مؤتمر التقارب بين الاديان والمذاهب الذي عقد في مقر المجلس الاعلى الاسلامي في العاصمة بغداد وحضرته مراسلة الصحيفة العربية في بغداد على ان المصالحة الوطنية والقضاء على الارهاب هما عماد تقدم العراق واستقراره.
فقد اكد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية في العراق والتعاون بين القادة السياسيين من اجل تعزيز انتصارات القوى الامنية، والتقدم في الحياة السياسية وادارة شؤون الدولة.
وقال معصوم “في عالمنا المعاصر كما في كل العصور، ليس هناك ما هو ارفع قيمة من التقارب والتآلف بين البشر وليس هناك ما هو اكبر ضرورة من قبول الاختلاف والتنوع في المجتمعات”.
واضاف ان “البشرية تأخرت كثيرا بسبب الحروب وبفعل عدم القدرة على تفهم الاختلاف والقبول به، ودفعت بعض المجتمعات اثمانا باهظة جراء ذلك بينما تقدمت الحضارة ونهضت المدنية بارداة السلام وبقبول التنوع”.
واشار معصوم الى ان “قضية التعايش تبرز اليوم بين ابناء الديانات المختلفة ومدى القدرة على خلق بيئة تفاهم وانسجام وحياة مشتركة”، لافتا الى انه “من حسن الحظ ان الاديان نفسها كمبادئ وافكار قابلة للتعايش مع بعضها، حيث ليس هناك اختلافات كبيرة في المبادئ الاساسية وهذا ما يسهل ويفرض علينا البحث عن المشتركات لتنميتها وقبول الاختلافات واحترام الخصوصيات”.
واوضح ان “الخطر الاكبر حاليا، هو خطر التفكير الارهابي الذي يهدد الدين باسم الدين ويهدد ابناء الدين نفسه وثم المجتمع الاسلامي بشكل عام، ومن جوانب خطورة داعش بوصفها النسخة الاكثر تشددا بتاريخ الارهاب يكمن في عدم ترددها بارتكاب ابشع الفظائع تعبيرا عن الكراهية”.
واكد معصوم انه “وفي هذه الحالة لا مجال امامنا ونحن نخوض غمار المواجهة معها سوى الانتصار ودحره نهائيا لتخليص المجتمع بمختلف بلدانه وقومياته من شرورها، وهو نصر يؤكد مقاتلونا كل يوم حقيقة اقترابنا منه”.
واستطرد رئيس الجمهورية ان “التضحيات التي قدمها العراقيون من اجل حريتهم وسلامتهم وسلامة البشرية، تتطلب منا كقادة سياسيين عملا دؤوبا من اجل تعزيز الانتصارات تقدما في الحياة السياسية وادارة شؤون الدولة “.
ولفت الى “اهمية المضي مسرعين في انجاز المصالحة الوطنية على اسس تعزز التحول الديمقراطي ولا تتراجع عنه وتعزز النسيج الوطني وتمنع الارهاب من النفاذ الى هذا النسيج”.
وتابع “اننا نؤكد على اهمية توحيد المواقف والقوى والتحركات في السياسة الخارجية والمحيط الاقليمي، ليضمن التعايش على اسس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
ونوه معصوم الى ان “الخطر يهدد الجميع داخليا، فلا يهدد الارهاب دينا دون اخر ولا يستهدف طائفة دون اخرى انها الكراهية التي تجعل الجميع هدفا لجرائمها ولا بد من توحد الجميع لدحر الارهاب وقوى العنف والجريمة”
واكد رئيس الوزراء حيدر العبادي ان “العراق يواجه التحدي الخطير على الجانب العسكري، فداعش اعتدت على مقدسات العراقيين واعتدت على الاقليات ، داعش فكر مدمر وهدام ، وعلينا ان نكون حذرين وواعين بعدم الوقوع بالفخ الذي ترسمه داعش “.
واكد العبادي “يجب ان لا نسمح بالاعتداء على حقوق الاخرين فالمعتدون خارجون عن المجتمع وهم مجرمون ينفذون اجندات الايقاع بين العراقيين، و ليسوا اقل خطرا من الارهاب”.
واعرب العبادي عن امله بان “يكون الخطاب مسؤولا اذ ان الكلمة الخطأ قذيفة غير موجهة تتسبب بإصابة الكثير من الابرياء”، لافتا الى ان “العدو يملك افكارا اجرامية متخلفة واننا ايضا لا يجوز ان نستهين به ونقلل من خطورته وعلينا مواصلة الطريق من اجل ازاحته من العراق، فلدينا مقومات للنصر العسكري ، وكلما تعاونا نقترب من تحرير البلاد من داعش”.
ولفت العبادي الى ان “عصابات داعش الارهابية هاجمت امس واليوم الثرثار وكركوك وبعض مناطق بلد وبغداد ، وعلينا ان نبقى موحدين ومتعاونين في القضاء على داعش من خلال اصرارنا على تطبيق المنهاج الحكومي واصرارنا على مقاتلة الارهابيين ، في الجوانب العسكرية والامنية ونحصر عدونا”.
ومن جانبه اكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، قدرة البرلمان على تحقيق الوئام وسن القوانين، داعيا مجلس الوزراء الى اقرار قانون العفو العام وارساله الى السلطة التشريعية من اجل مناقشته والتصويت عليه ليكون احدى اسس المصالحة.
وقال الجبوري “يجمعنا اليوم عنوان الوئام محتفين به كمعنى سامي نطمح للوصول الى ابعد نقطة فيه بالشكل والمضمون مجسدين حاجتنا وضروراتنا الملحة في زمن التفكك والتنازع والتشكك والريبة، لذا اجدني اليوم محتاجا للكثير من الوضوح في تلمس الجرح وكشف ما يجيش في الكوامن متجاوزا التردد واعتبارات المدارات”.
واضاف “اننا اليوم بأمس الحاجة ان نرفع شعارا جديدا عنوانه (نتصارح لنتصالح) فلا مصالحة قبل المصارحة والغور في عمق حقيقة ما يجري ان كان ذلك مؤلما او محرجا فالم اليوم واحراجه اخف بكثير من نتائج الغد وندمه”.
واشار الى انه “لابد من الحذر حين يعمد البعض الى ركوب موجة الرأي الفقهي ليجعل منها سلاح افتراق في باب الولاء والبراء وينفخ في نارها الى ان تتقد علينا لتحرق الاخضر واليابس من اخوتنا التي ضمنتها لنا هوية الوطن الكبرى، كما لابد من الحذر حين نرى الميدان يعج بالسلاح بيد داعش الارهابية التي اتحدنا اليوم لمواجهتها وبيد من يفتك بالمواطنين تحت لبوس الطائفية والعنصر والجنس والدين لينفذ اغراضه الدنيئة و يحتمل الامة جريرته الشنعاء”.
ورأى الجبوري ان “الوئام الذي ننشده اليوم يحتاج الى ارضية صلبة تتحقق في تفاهم الشركاء على تعريف الشراكة ويحتاج الوئام كذلك الى وعي وثقافة جديدة للغة الحوار مبنية على اساس تفهم الخلاف المشروع في الشروع على الاصول فالاختلاف الذي يؤدي الى تفرق الكلمة وتعادي الامة لا يمكن تبريره او قبوله او دعمه”.
وبدوره دعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم، الى الالتزام بالدستور واتخاذه مرجعية لحل الخلافات والتقاطعات”مشددا على “ضرورة تكاتف دول العالم في نبذ العنف والتطرف”.
وقال الحكيم “علينا الالتزام بالدستور العراقي بعنوان العقد السياسي والاجتماعي واتخاذه مرجعية لحل الخلافات والتقاطعات، وإدانة الارهاب والعنف والتطرف بكل صوره واشكاله والوقوف جبهة واحدة بوجه الجرائم الارهابية ولا سيما الارهاب الداعشي الذي استهدف جميع المكونات العراقية ومثل ابشع صور الوحشية والهمجية في تاريخنا المعاصر”.
وشدد على ضرورة “اشاعة روح التسامح والوئام والمحبة والسلام وتعميق خطاب المواطنة الصالحة التي تجد في التعايش السلمي منهجاً , ووجوداً وتفعيل دور المؤسسات الدينية الساعية للسلام والمتبنية للخطاب الانساني والحواري المنفتح”.
وأضاف ان “حقيقتنا اليوم هي أن لحمتنا الوطنية متماسكة بحكم التداخل والتمازج بين كل المكونات، العرب مع الكرد والتركمان والشبك، الشيعة مع السنة، المسلمون مع المسيحيين والصابئة والايزديين، أنه التداخل والتواصل الاجتماعي، والنسبي، وكيف يمكن للحالات الطارئة ان تنهي تاريخا طويلا من التعايش والعيش المشتركوالمصير الواحد والمصالح المتبادلة”.
ونوه رئيس المجلس الاعلى الى “اننا حين نضع الاهداف الكبرى نصب أعيننا تتصاغر أمامنا كل التضحيات، وهدفنا الكبير هو بناء العراق واحلال الامن والسلام والتعايش بين ابناءه، ومن أجل هذا الهدف علينا، أن نحاصر الخلافات بالمشتركات الهائلة والكبيرة، وأن نتوجه نحو المستقبل، لإننا معنيون بصناعة المستقبل، الذي سيحاسبنا ويحكم على أعمالنا ومواقفنا , وان نتعظ من الماضي والحاضر، لنستفيد منه لا ان نقف عنده ونضيع فيه”.
وأشار الحكيم الى “اننا نعيش في محيط اقليمي ودولي تعصف به المشاكل والأزمات ومن الطبيعي ان يتأثر العراق بتلك الأزمات، لكن من غير الطبيعي أن يتحول العراق إلى طرف في تلك الأزمات, بل عليه ان يكون طرفاً مساعداً في الحل ومقرباً لوجهات النظر بين الاطراف”.
وقال “من هنا نؤكد على ان الحل يجب أن يكون حلّاً عراقياً، فإن اي حل مستورد من الخارج سوف لن يؤدي الا الى المزيد من الاشكاليات والتقاطعات بين أبناء الوطن الواحد”.
وأضاف إن “أخطر ما نواجهه اليوم هو بروز الدعوات التكفيرية والعدوانية التي تريد الغاء الآخر، وهذا يعني اللجوء الى القتل والتدمير والتهميش والعزلة والانقسام، وهو ما يحاوله البعضهنا وهناك، وهذا يستدعي منّا جميعا الوقوف بحزم كدولة ومرجعيات دينية وقيادات سياسية وعلماء ومؤسسات مدنية ضد ظاهرة نفي الآخر وتسقيطه وتخوينه ورميه بشتى الاتهامات ومحاولة محوه من خارطة العراق “.
وأكد رئيس المجلس الاعلى إن “الإرهاب والعنف بكل أشكاله يستهدفنا جميعاً ليس كأفراد فحسب وإنما كمكونات وهويات مختلفة، وعلينا أن نقف بحزم ووضوح وصراحة ضد الإرهاب وضد الدعوات الارهابية والطائفية التي تهدف إلى تمزيق العراق وتمزيق شعبنا”.
وشدد على “حصر السلاح بيد الدولة، فالدولة التي يجد فيها الجميع مكانه ومسؤولياته كاملة، فهي الراعية والمسؤولة عن أمن الوطن والمواطن ولذلك علينا الاسراع بتشريع قانون الحرس الوطني الذي يوفر الغطاء القانوني لدور القوى الشعبية في مواجة الارهاب”.
وأشار الى ان “العالم اليوم يواجه تحدٍ حقيقي من قبل اصحاب الافكار المتطرفة والمنحرفة، ويمكن القول انها حقيقة راسخة تربط بين الانحراف والتطرف!، فمتى ما كان هناك انحراف فانه ينتج تطرفاً، وهذه القاعدة تنطبق على كل الاديان والمذاهب السماوية بدون استثناء، لانه لا يوجد دين سماوي او مذهب آلهي يدعو الى الكراهية والحقد”.
وأضاف ان “الامم لا تعيش اليوم في جزر معزولة، فالارهاب الذي لا نصطف معاً ضده في بلد سينتقل الى غيره من البلدان، والافكار المسيئة والاستفزازية، ان لم يكبحها المصلحون والمعتدلون، سيتلاقفها المتطرفون والمنحرفون لتكون مبرراً لارتكاب الجرائم والافعال الارهابية لأن الاعتداء على المقدسات سيحول مجتمعاتنا جميعاً الى فوضى عارمة تخاطر بكل ما دعا اليه انبياء الله ابراهيم وداود وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وتخاطر بكل المنجزات التي حملت رايتها الحضارة الغربية، وبكل القيم التي حملتها الحضارة الشرقية، ويجب ان نقف بقوة وحزم وان نكون صارمين في وجه قوى التطرف بكل اشكاله”.
وأوضح ان “نشر ثقافة التسامح هو السلاح الاقوى في وجه التطرف ، وهو الوسيلة الامثل لنشر قيم المحبة والوئام في المجتمعات”.