النشاط التشاركي ينشأ نتيجة قواعد وأسس اقتصادية نظرية في مقابل تصرفات فعلية تسمح بوجود وتطبيق علاقات تحرم الاستغلال ، ولذلك يمثل النشاط التشاركي في كليته حافزاً معنوياً للأفراد والعاملين، فعندما نحلل وضعية الملكية الجديدة كأساس للإنتاج والعمل باعتبارها مصدرا للدخل ، وهي قائمة على أساس المشاركة لا ملكيتها من طرف ما يطلق عليه في نظام العمل بأجرة برب العمل تظهر الحوافز المادية هنا في أبعاد الاستقلال المادي للعاملين وتخلصهم من قواعد العمل لصالح الغير، بمعنى آخر فإن الإطار العام الذي يحدد معالم الحوافز المعنوية ينشا ويتحدد تلقائياً بمجرد تحقق الحوافز المادية ، فإذا كان رب العمل في النظام الرأسمالي يقوم بشراء قوة العمل فإنه يفعل ذلك لعنصر عمل مربح، ليقوم بعد ذلك بتشغيل هذه القوة ومن خلال ساعات عمل أكبر للحصول على ما يطلق عليه ماركس بفائض القيمة، لكن فائض القيمة هذا والمتحقق عن طريق عنصر العمل سيتحصل عليه العاملون أنفسهم في النظام التشاركي الجديد، وكلما عمل المنتجون على إطالة يوم العمل فإن هذا سيعكس زيادة في الدخول بنفس القدر ، تعود مباشرة على عناصر الانتاج بما فيها عنصر العمل، وهي ان كانت ميزة مادية تخلق في نفس الوقت طابعاً شخصياً على عوائد العملية الإنتاجية في ظل علاقات جديدة تحرم الاستغلال، وتصفي طابعاً نفسياً يتميز بالخصوصية ليشعر المنتج بأن ما سيحققه سيكون له لا أكثر ولا أقل، فإذا ما تحدثنا عن مجموعة الحوافز المعنوية التي تحقق للعاملين في النظام التشاركي فإن أولى هذه الحوافز لا شك بأنها تمكن في التأثير المباشر على الجهد البشري الإيجابي الذي سينعكس على الجوانب المادية في الاستخدام، مثل زيادة في معدلات الإنتاجية والاستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج ، وانتقاء ظاهر البيروقراطية في العمل أو إهدار الوقت، أو التكاسل والتباطؤ وبالتالي، نشوء الإبداع الاقتصادي الذي يعول عليه في إحداث نمو في العملية الاقتصادية .
ـ إذن تنشأ الحوافز المعنوية كنتجية تفرزها أساليب الإدراة الذاتية أيضاً للمنتجين والمعاملين، ففي إشارة إلى أساليب الإدارة العلمية والنتائج التي توصلت إليها والتي تدرس الآن على نطاق واسع في كليات ومعاهد العلوم الإدارية أثبتت هذه الدراسات أن هناك علاقة مباشرة بين زيادة الكفاءة الإدارية والإنتاجية والإدارة الذاتية، وتبين أن التكلفة التي تدفع من جراء مراقبة العامل الواحد في نظام العمل بأجرة أصبحت تشكل نسبة محسوسة، يضفها رب العمل على التكاليف الكلية وتشكل عبأ إضافيا يتم تحمليها على العامل، وتساهم في انخفاض الأجرة فيما بعد، وتصبح مصدر لزيادة أرباح رب العمل، وعلى العكس من ذلك، فأسلوب الإدارة الذاتية للعاملين والمنتجين لوحداتهم الاقتصادية يقلل هذا الأسلوب من التكاليف الإنتاجية بنسبة محسوسة، مما ينعكس إيجابياً على عوائد وربحية للمشروع. ـ إضافة إلى هذا فإن هناك عوامل عديدة من شأنها أن تنعكس إيجابياً على الأداء في العمل خاصة المتعلقة باختبار الوقت المناسب للعمل وأوقات الراحة وغير ذلك مثل كمية وكيفية تقديم وتحديد ساعات الإفطار للعاملين وكذلك درجات تدفق الإضاءة وكيفيتها، والتي تتاح للعاملين والمنتجين في النظام التشاركي والإدارة الذاتية، وغيرها من عوامل تساعد على التخلص من تبعات الإدارة التقليدية وهي في ذات الوقت ميزة إيجابية للإدارة الذاتية والنظام الاشتراكي الجديد