صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

الحكومة الاردنية تستولي على معظم الأموال المخصصة لمساعدة اللاجئين العراقيين

عمان – نيقولاس سيلي

 

تسلم الاردن، وهو احدى وجهتين يقصدها العراقيون الذين ابعدتهم حرب العام 2003، نحو     400     مليون دولار اميركي مخصصة لمساعدة نحو مليون عراقي هربوا اليها. ومعظم المساعدة جاءت من الولايات المتحدة وذهبت للحكومة الأردنية مباشرة.

 

وكانت الفكرة ان يساعد المتبرعون الاردن، ويقوم الاردن بمساعدة العراقيين. ويُعترف الآن على نحو واسع بأن العدد الفعلي للعراقيين في الأردن أصغر جدا مما اعتقد أصلاً. وهذا معناه ان الكثير من الارقام الضخمة من المساعدات ذهبت للحكومة الاردنية، في وقت يقول فيه البعض ان (ذهاب المساعدات للحكومة الاردنية) منع العراقيين من الحصول على مساعدة فعالة.

 

وتقول هارييت دود التي كانت المدير الاقليمي في الاردن لمنظمة CARE     الدولية اثناء الازمة “تعاملنا مع خمسين الف لاجئ، بشكل أكثر فعالية، وكان توفير التمويلات مناسبا”. وفي الحقيقة، فان العديد من العاملين في منظمات غير حكوميةَ وأكاديميين وباحثين مستقلين يقولون الآن ان المساعدات أخفقت في تلبية احتياجات اللاجئين العراقيين، فيما ذهبت التمويلات لبرامج خاصة باولويات الاردن الوطنية، وبهذا فانها – كما يقول البعض – تساعد الاردنيين اكثر مما تساعد العراقيين. ويحتج مسؤولو الوكالة الاميركية للتنمية الدولية بان بناء المؤسسات في الاردن مثل المدارس والمستشفيات وانظمة المياه، هي الطريقة الوحيدة والفعالة لمساعدة العراقيين الموجودين هناك.

 

مدرسة “ثورية”

 

وبناء مدرسة في ضاحية الامير الحسن شرق عمان بمساعدة من الوكالة الاميركية للتنمية الدولية، مثال رئيسي. وعلى الرغم ان نصف البناء تم انجازه لكن من الواضح انها ستقدم تعليما يختلف كليا عن التعليم الذي تقدمه المدارس التي تديرها الحكومة الاردنية.

 

فقاعات الدروس واسعة وهناك صالة للالعاب الرياضية واستوديو فني، وغرفة موسيقى. وفي الطابق السفلي تتوفر مختبرات علوم مجهزة بقلنسوات للحماية من البخار ومغاسل، ومصابيح، وهي مهيأة للطلاب لإجراء التجارب في مجموعات.

 

وتبدو هذه الاشياء وكانها اعدت لطلاب أميركيين بعمر 12 عاما، وليس لطلبة يعيشون في الاردن الذي لا يزال التعليم فيه يقوم على الحفظ عن ظهر قلب.

 

ويقول جاي نوت رئيس الوكالة الاميركية للتنمية الدولية في الاردن التي تقف وراء المشروع “انها حقا مستندة على فلسفة جديدة في التعليم. فان التعليم المتكرر (الحفظ القلبي) في القرن الواحد والعشرين لن يطورك نحو اقتصاد قائم على المعرفة”.

 

وتقوم الوكالة الاميركية للتنمية بانشاء مثل هذه المدارس المدهشة في الاحياء الفقيرة في جميع انحاء الاردن. وهناك حاليا 28 مدرسة تحت الانشاء. وتقوم الوكالة بترميم وتوسيع مئة مدرسة حاليا ما يقوي جهود الحكومة الاردنية التي تكافح لتلبية الاحتياجات التربوية لسكان شباب يتزايدون بسرعة.

 

لكن جزءاً من هذا العمل يتم تنفيذه بالمال الذي خصصه الكونغرس لمساعدة اللاجئين العراقيين في الأردن.

 

وتم السماح رسميا لكل الاطفال العراقيين منذ عام 2007 بالدوام في المدارس الحكومية الاردنية. وساعد تمويل المانحين في جعل هذا الامر ممكنا. ويقول السيد جاي نوت ان التمويل يساعد في تخفيف بعض العبء الذي تتحمله تلك المدارس في تعليم العراقيين اضافة للاردنيين.

 

وفيما سيستفيد بعض العراقيين المُرحلين من المدارس الجديدة بالتأكيد، فان العديد من العراقيين شديدي الحاجة تم الجاؤهم الى بلدان ثالثة. واكثرهم سيختفون قبل فترة طويلة من اول افتتاح سيجري للمدارس التي يفترضْ انها ستقدم لهم الخدمات في ايلول 2011. وهذه المدارس التي تم بناؤها لخدمة مئات الطلبة العراقيين الفقراء سينتهي بها المطاف لخدمة حفنة منهم ولاشيء غير ذلك.

 

ويقول جيسن ايرب المدير الاقليمي المساعد في منظمة Save     لانقاذ الطفولة في الاردن اثناء ازمة اللاجئين ان “المدارس التي تقع في شرق عمان حيث تقطن اكثرية السكان الفقراء ليس فيها عدد كبير من العراقيين”. وتعطي الولايات المتحدة والأُمم المتحدة المساعدات مباشرة إلى الحكومة الأردنية.

 

ويتم التنازع على عدد العراقيين المتواجدين في الأردن منذ أن بدأت الأزمةَ. وعندما غزت الولايات المتحدة العراق في 2003، استعد مكتب الأردن لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة واللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لتدفق اللاجئين الذين يهربون بسبب النزاعِ. لكن العراقيين تقطروا ببطء، هاربين من الإضطهاد أو باحثين عن الوظائف أَو منتظرين ان تتحسن الامور في بلدهم الام.

 

ولهذا تفاجأت اللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في     2004    ، عندما ابلغ البعض من شريكاتها من الوكالات عن أعداد كبيرة من العراقيين يحضرون طلبا للمساعدة. ووفقا للتخمينات المبكرة فان هناك نحو مليون ونصف المليون عراقي في الاردن. وفي باديء الأمر، بدت الأردن رافضة مثل هذه التقارير، واتهمت جماعات حقوق الانسان بمحاولة اخفاء ازمة لاجئين ضخمة.

 

وقامت الولايات المتحدة ومتبرعون دوليون ببذل الجهود في الاستجابة حتى تحولت الازمة الى مصدر (للحصول) على المال نقدا. وتسلم الاردن من عام 2007 إلى 2009 قرابة     400     مليون دولار اميركي كمساعدات اعتبرت رسميا موجهة للعراقيين، لكن معظم هذه الاموال ذهبت مباشرة الى الحكومة الاردنية او انها ذهبت لبرامج بناء مدارس تقوم بها الوكالة الاميركية للتنمية الدولية.

 

وجاءت حصة الأسد من المساعدات من الولايات المتحدة. ففي 2008 اجاز الكونغرس تمويلا للمساعدات الاضافية للاجئين العراقيين بقيمة 200 مليون دولار اميركي. وذهبت 110 مليون دولار منها مباشرة للحكومة الاردنية فيما ذهبت عشرات ملايين اخرى الى برامج الوكالة الاميركية للتنمية الدولية لاستثمارها في قطاعات الصحة والتعليم والمياه النقية. وأعطت اللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة جزءا كبيرا من ميزانيتها أيضاً للحكومة الأردنية في 2007.

 

ويقول مسؤولو الأُمم المتحدة والولايات المتحدة ان المساعدات ساهمت في خلق فضاء حماية للعراقيين، بمعنى التوصل الى تقديم بعض الخدمات والحماية الأساسية بعيدا عن المضايقة والترحيل.

 

عدد العراقيين اقل من التقديرات

 

ووجد مسح أجري في عام 2007 ان هناك مئة وواحد وستين الف عراقي فقط في الاردن، وبدا ان جزءا منهم فقط من الفقراء أو المضطهدين الذين يحتاجون الى مساعدة أو لجوء.

 

ودعمت البيانات الأخرى التقديرات المنخفضة لهذا المسح. وهذه البيانات جاءت من مسح اجرته منظمة Fafo     النرويجية غير الحكومية ودائرة الإحصاءات العامة في الأردن. وشمل المسح العراقيين المسجلين في المدارس والذين تم اعتبارهم كلاجئين في سجلات اللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

 

وكان مسؤولو الوكالة الاميركية للتنمية الدولية على علم في عام 2008 بعدد العراقيين في المدارس الفردية التي كانوا يعملون عليها. لكن الحكومة الاردنية طلبت منهم عدم التشارك بالمعلومات لكونها “حساسة”.

 

ويقول البعض ان تقديم المساعدة الى مجموعة في حي فقير من دون اعطاء جيرانهم مثل هذه المساعدة قد يولد ردة فعل. وان دعم المؤسسات الاردنية هو الطريق الافضل لمساعدة العراقيين المرحلين.

 

ويقول جاي نوت رئيس الوكالة الاميركية للتنمية الدولية في الاردن “انها المدخل الافضل لتحسين التعليم والرعاية الصحية. انها مقاربة مجتمعية وذلك ما تتعهد به برامجنا”.

 

ويرى جيسن ايرب المدير الاقليمي المساعد في منظمة Save     لانقاذ الطفولة ان برنامج المساعدات رغم نواقصه فانه يساعد الاكثر احتياجا، وفي الاغلب فانهم سيكونون اردنيين وليسوا عراقيين.

 

ويضيف “اذا نظرت الى نية المانحين، فانها قد لا تكون اصابت كبد الحقيقة حقا، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون هو المعيار الوحيد المطبق، فعندما تكون احتياجات المحيطين اكبر، فانه وبقدر حاجة اللاجئين العراقيين للمساعدة فسيكون من المحبط في بعض الاحيان التركيز كثيرا على العراقيين لأن حاجة الاردنيين اكثر بكثير من حاجة العراقيين”

 

.ترجمة – عبد علي سلمان

 

عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الاميركية

 

 

 

Facebook
Twitter