( الجامع الأموي) أعجوبة الفن المعماري وتحفة التراث الإسلامي

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-bidi-font-family:Arial;}

دمشق/ شيار خليل:


ذكروا أن عجائب الدنيا أربع وهي “قنطرة سنجة، منارة  الاسكندرية، كنيسة الرها، مسجد دمشق”، فهو من المساجد الهامة في العالم العربي والأجنبي الذي ما زال يقصده الناس بكافة شرائحهم وأديانهم.

وللوقوف على الجامع التقيت السيد “عمر عبد الغفور” من الساكنين في جوار الجامع فقال: «إن الجامعالأموي” من أهم الجوامع التي ما زالت محافظة على مكانتها الدينية والاجتماعية وحتى الاثارية والسياحية، حيث يقصده الكثير من الزوار بقصد الصلاة والسياحة والتعرف على معالمه المعمارية الفريدة، فهو من المعالم التاريخية الاجتماعية الهامة في المنطقة، وخلال جواري للجامع أشاهد مدى اهتمام الزوار الاجانب والاخوة العرب سياحياً به من خلال تجوالهم في أقسامه والتطلع إلى أهم الزخارف المعمارية فيه».

ويتحدث الباحث “عفيف البهنسي” عن أهمية هذا الجامع فيقول: «كان في المكان الذي أقيم عليه الجامع الأموي الكبير في الألف الأول قبل الميلاد معبد الإله “حدد” الآرامي، ولم يبق من أثره إلا لوحة من الحجر البازلتي الأسود، وقد عثر على هذا اللوح الحجر في الجدار الشمالي عند القيام بإعادة ترميمه وإصلاحه، وهو من مقنيات المتحف الوطني بدمشق، وكانت مساحة المعبد 300× 380م ثم اتخذه “اليونان” معبدا لآلهتهم في العصر الهلنستي، وعلى أنقاض معبد الإله “حددالآرامي انشئ في زمن الاحتلال الروماني لسورية معبد “جوبيتر“.

كان هيكل معبد “جوبيتر” يقع ضمن باحتين الأولى داخل الثانية، وكل باحة محاطة بسور خاص لها، الخارجي 305× 385م، والداخلي 100× 150م وهو السور الحالي للمسجد الآن، وبعد انتصار الديانة المسيحية على الوثنية، استفاد منه المسيحيون، وأنشأ فيه الامبراطور “تيودوس” كنيسة القديس “مار يوحنا المعمدان” وفي السنة الرابعة عشرة للهجرة 650 ميلادية تم الفتح العربي الإسلامي لدمشق وحررت من الحكم البيزنطي، ووقع خيار المسلمين على المعبد فأخذوا أقسامه المهملة والمفتوحة في شرقي الحرم، وكان أول محراب في الإسلام “محراب الصحابة” على الجدار الجنوبي، وهذا يعني أن المسلمين أخذوا النصف الشرقي من المعبد، وأقاموا عليه مسجدهم وتركوا القسم الغربي منه للمسيحيين».

كان “الأموي” مركز الفعاليات السياسية، وعنها يقول: «في عام 705م – 86هـ تسلم سدة الخلافة الأموية “الوليد بن عبد الملك”، وقام بهدم ما كان داخل جدران المعبد من منشآت رومانية وبيزنطية واحتفظ بسور المعبد ليشيد بداخله جامعه، وفق تصميم جديد مبتكر يتجاوب مع شعائر الدين الإسلامي، وأغراض الحياة العامة، ويليق بعظمة الدولة الإسلامية وعاصمتها “دمشق”، فجاء فريداً في هندسته لم يُبن على نسقه في العهود السابقة أي بناء آخر، ولم يكن الجامع “الأموي” الكبير مجرد مصلى، بل كان بجلال بنائه وأهمتيه في “دمشق” عاصمة الدولة العربية الأموية مركزاً لفعاليات مختلفة، كان من أهمها الفعاليات السياسية، ففي هذا الصرح المنيف والرائع بزخارفه جلس الخليفة يستقبل عماله ورسله، يقاضي الناس ويفصل في الأمور الجلل.

أما “ابن جبير” فيصف زينة الجامع بقوله: «هو من أشهر جوامع الإسلام حسناً وإتقان وبناء، وغرابة صنعه وروعة، احتفال، تنميق وتزيين، وشهرته المتعارفة في ذلك تغني عن استغراق الوصف فيه، ومن عجيب شأنه أنه لا تنسج به العنكبوت ولا يدخله الطير المعروف بالخطاف“».

(الأموي) تحفة معمارية خالدة، وعن وصفه المعماري يقول الباحثمحمد مراون”: «لقد شكل الجامع الأموي مستطيلاً طوله 156م وعرضه 97م يحتل جانبه الشمالي صحن مكشوف تحيط به أروقة مسقوفة، ويحتل قسمه الجنوبي المصلى، وللمسجد سور مرتفع مبني بالحجر المنحوت، وهو من رسوم المعبد الروماني لا يزيد ارتفاعه على 5م، ثم زاد “الوليد بن عبد الملك” ارتفاعه إلى ما يزيد على 14م وكان السور مزوداً في أركانه بأبراج مربعة، مؤلفة من عدة طبقات يصعد إليها بدرج من الداخل، بقي منها اثنان في الجهة الجنوبية، فأقيمت عليهما مئذنتان، وللمسجد ستة أبواب “باب البريدفي الغرب وكان ثاني البابين الرئيسيين للمعبد، أما الباب الرئيسي الأول فهو “باب جيرون” المقابل له، وعرف بعد القرن الخامس بباب “الساعات” وباب “اللبادين”، ويسمى الآن باب “النوفرة”، وكلا البابين بثلاثة أبواب، باب كبير في الوسط، وبابان على جانبيه، والباب القبلي الجنوبي كان يعرف بباب “الزيادة”، ويسمى بباب “الساعات”، ثم انتقل هذا الاسم إلى باب “جيرون”، لأن الساعات نقلت إليه، ويسمى الآن “القوافين“.

وهناك باب “الناطفانين” وهو باب “الفراديس”، يسمى الآن بابالعمارة”، والباب المحدث إلى مدرسة “الكلاسة”، والمفتوح من هذه الأبواب الآن بابجيرون” في الشرق، وباب “البريد” في الغرب، “باب العمارة” في جهة الشمال، والباب الكبير القبلي “باب الزيادة” في جهة الجنوب، ويمكن الدخول من خلالها مباشرة إلى الحرم، يحتل الصحن مساحة مستطيلة أبعادها 132× 50م وهو مبلط بالحجر المزي المصقول، ويحيط بالصحن من جهاته الثلاث عدا الجنوبية رواق عال محمول على أعمدة حجرية مكسوة بالكلس مع زخرفة بسيطة، وقد أضيفت في القرن الثامن عشر الميلادي، وهي تحمل أقواساً وقناطر، أما الجدران فكلها مكسوة بالفسيفساء، وما خلف الأروقة مشاهد زوايا وغرف، والمشاهد عبارة عن قاعات مستطيلة كبيرة استخدمت كمساجد صغيرة ملحقة بالجامع، وكان لكل منها إمام خاص، وتتوزع أربعة مشاهد على محيط المسجد، وهي مشهدعثمان” أو المشهد “الكمالي”، مشهد “أبي بكر” أو مشهد “عروة”، مشهد “عمر”، مشهدعلي” أو مشهد “زين العابدين” المعروف بمشهد “الحسين“».

ويتابع”: «أما أرض الصحن فكانت كلها مغطاة بفصوص الفسيسفاء ولم يكن قط فيه بلاط، وبقي كذلك إلى حريق سنة 461م فهدمت القنطرة الرومانية عند الباب الشرقي ونشرت حجارتها، وبدأ تبليط صحن الجامع “الأموي” على عهد الوزير “صفي الدينوزير العادل، وأكمل تبليطه سنة 604م وفي سنة 611هـ جددت أرض الجامع من الداخل بعدما صارت حفراً، أما البلاط الحالي فقد رصف سنة 1300هـ على عهد الناظر الشيخ “أحمد الحلبي”، ومستوى أرض الجامع اليوم أعلى من أرضه على عهد “الوليد”، وقد تبين من حفريات الأوقاف من أمد قريب حول قبة المال أن قواعد الأعمدة على عمق ثلاثة أمتار، وأرض الجامع على الغالب تحت الأرض بنحو نصف متر، وبنيت القبلة أيام “المهدي العباسي” وقيل عن جار الجامع الشيخ “عبد القادر العاني” إنه رأى عند الحفر لتجديد الحائط قطعة من أرض الجامع الأصلية مغطاة بفصوص على شكل الفسيفساء على عمق مترين ونصف، ولكن هذه الفصوص أكبر من فصوص فسيفساء الجامع، وأقدم قطعة من البلاط اليوم هي أمام العمود الرابع من الرواق الغربي، وفيها حجران كبيران يظهر أنهما من القنطرة التي هدمت لرصف الجامع بالبلاط سنة 602هـ».

عن معالم الجامع العمرانية يقول: «يتضمن صحن الجامع ثلاث قباب هي القبة الغربية “قبة المال” أنشأهاالفضل بن صالح بن علي العباسي” أيام “المهدي” سنة 171هـ ويظهر أنها كانت مغلقة والناس يتوهمون أن فيها مالاً، وعندما فتحت في زمن “سيباي” سنة 922هـ لم يجد فيها إلا أوراقاً ومصاحف بالخط الكوفي، وتدعى أيضاً قبة “الخزنة”، وهي محمولة على ثمانية أعمدة مغروسة في البلاط دون قواعد وما زالت تحتفظ بتيجانها الكورانثية الجميلة.
أما القبة الثانية “القبة الشرقية” فبنيت كذلك أيام “المهدي” سنة 160هـ وتعرف بقبة “زين العابدين”، كانت تسمى قبة “يزيد، وتسمى الآن قبة “الساعات” إذ كانت فيها ساعات المسجد، القبة الثالثة قبة “البحرة الفوارة” وهي وسط صحن الجامع، وأنشئت على بحرة ماء واسعة كانت من الرخام وأقيمت سنة 369هـ.

تبلغ أبعاد الحرم 137× 136م وهو مؤلف من أروقة موازية للقبة محمولة على صفين من الأعمدة الحجرية، ويغطي الحرم سقوف سنامية الشكل تعرف باسمالجمالونات” ويتوسطها سقف “جمالوني” رئيسي مفلطح الشكل يدعى “الغارب” وعليه قبةالنسر”، ووصف السقف بالنسر الطائر، تحدث عنه “ابن جبير” في رحلته للأموي فقالوسقف الجامع كله من الخارج بالواح رصاص، وأعظم ما في هذا الجامع المبارك قبة الرصاص المتصلة بالمحراب شامخة في الهواء عظيمة الاستدارة، قد استقل بها هيكل عظيم هو غارب لها يتصل من المحراب إلى الصحن، والقبة الرصاصية قد ملأت الفضاء فإذا استقبلتها ابصرت منظراً رائعاً ومأوى هائلا ًيشبهه الناس بنسر طائر، كأن القبة رأسه والغرب صدره، ونصف جدار البلاط عن يمين ونصف عن شمال جناحاه“».

Facebook
Twitter