اعتبرت اوساط سياسية في بغداد امس تحذير نوري المالكي من وصول متطرفين شيعة وسنة الى السلطة، اشارة قوية الى قناعته بتحذيرات اميركية سابقة بهذا الشأن، وأنه يكشف ان رئيس الوزراء المنتهية ولايته قد «يئس» من قبول التيار الصدري تجديد ولايته، في وقت رأى قيادي في التيار الصدري ان ما قاله زعيم «دولة القانون» هو عبارة عن «حسابات خاطئة».
وبينما قال قيادي صدري، انه «يتوقع مفاجآت داخل كتلة المالكي، لأن بعض اعضائها يشعر بالتهميش» رأت اوساط سياسية وإعلامية ان المالكي بتحذيره من وصول متطرفين الى السلطة، يعيد الى الاذهان تحذيرات اطلقها السفير الاميركي السابق زلماي خليل زاد الشهر الماضي، بشأن «مخطط ايراني يعيد تأهيل من حصلوا على مقاعد قليلة في الانتخابات» اشارة الى الائتلاف الوطني الذي جاء ثالثا، وآخرين.
ودعا خليل زاد وقتها، الى «الوقوف بوجه هذا المخطط عبر تقاسم السلطة» بين المالكي وغريمه الابرز اياد علاوي، وهو امر حذر منه القيادي البارز في المجلس الاعلى همام حمودي الخميس الماضي داعيا الى الانتباه لـ»مفاوضات سرية ترعاها واشنطن بهذا الشأن».
لكن القيادي البارز في التيار الصدري أمير الكناني، قال ان المالكي «يروج لفكرة ان تحفظات التيار الصدري على ترشحه لولاية ثانية هي التي تعرقل تشكيل الحكومة، وهذا غير صحيح».
وتابع الكناني في مقابلة مع صحيفة «العالم» أمس ان لا سبب يدعو كتلة الاحرار التابعة للتيار لدعم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي للحصول على ولاية ثانية، سوى مشروع تشكيل الكتلة الاكبر في البرلمان.
وبشأن تصريحات المالكي لصحيفة واشنطن بوست الاميركية التي اشار فيها الى ان التسرع في تشكيل الحكومة سيقود الى «تسليم السلطة بيد المتطرفين من الشيعة والسنة» قال الكناني ان «هذه حسابات خاطئة من قبل المالكي».
واضاف ان «السنة والشيعة غير متهمين بالارهاب» موضحا ان «وجود الصحوات قضى على ما يسمى بالحواضن السنية لتنظيم القاعدة المسؤول عن الاعمال الارهابية وفيما يخص جيش المهدي فانه عنوان لمقاومة الاحتلال، وقد جرى تجميده، وهو الآن معني بمشروع الممهدون».
وقال الكناني ان «من يقوم بالاعمال الارهابية هو تنظيم القاعدة والعصابات الاجرامية التي تستغل بعض الثغرات الأمنية، وهؤلاء غير مطروحين في مشروع تشكيل الحكومة، لذلك يجب ان يوجه سؤال لرئيس الوزراء: عن اي متطرفين شيعة وسنة يتحدث؟».
وتعليقا على تصريحات المالكي قال الإعلامي والكاتب قيس حسن ان المالكي بعد اسابيع من حوارات بدت صعبة مع حلفائه «شعر باليأس من الحصول على منصب رئيس الوزراء بسبب معارضة التيار الصدري لذلك، وغموض موقف المجلس الاعلى، ولذلك فإنه بدأ يطلق النار على من يتهمهم بالتطرف محذرا من وصولهم الى السلطة».
وتابع «يبدو ان المالكي يعترف في مقابلة واشنطن بوست، انه امام خيار يضعف هو الحصول على دعم الصدر وإيران، وآخر لم يجربه بعد هو التعاون مع علاوي واميركا.. انه يلمح الى بدء التفكير بالخيار الثاني».
لكن المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي قال في تصريح لـ»العالم» ان المتطرفين الذين قصدهم رئيس الوزراء في تصريحه «هم الذين يعتقدون أن بامكانهم الانفراد بالحكم واخضاع الآخرين بالقوة».
واضاف الموسوي، الذي يدير المركز الوطني للاعلام التابع للحكومة، ان «الاستنتاج بأن المالكي يفتح النار على الصدريين من خلال هذه التصريحات لأنه بات متيقنا من انعدام فرص التفاهم معهم، هو استنتاج خاطئ».
وفي السياق نفسه قال القيادي الصدري البارز ان «المالكي ليس صاحب الاستحقاق الانتخابي كي يحظى بدعمنا، بل القائمة العراقية هي صاحبة عدد المقاعد الاكبر، وهي صاحبة الاستحقاق الانتخابي».
لكنه اوضح في الوقت نفسه ان تحفظات التيار الصدري على المالكي «لا تؤثر على تحالف الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون».
وقال «لدينا آليات من بينها لجنة الـ 14 التي ستقوم باختيار المرشح لمنصب رئيس الوزراء، وهذه الآليات هي التي تنظم العلاقة داخل الكتلة البرلمانية الاكبر المشكلة من تحالف الوطني ودولة القانون».
واشار الكناني الى ان «كتلة الاحرار ستشغل اربع مقاعد من اصل 7 هي حصة الائتلاف الوطني في لجنة اختيار المرشح لمنصب رئيس الوزراء».
واضاف ان «هناك ورقة موقعة داخل الائتلاف تشير الى ان المرشح الذي تتم عملية اختياره في جولة التصويت الاولى داخل لجنة الـ 14 عليه ان يحصل على 100% من الاصوات». واضاف ان «الجولة الثانية تقتضي الحصول على 80%».
وعن الحديث الذي يدور بشأن سعي الحكومة المنتهية ولايتها الى اطالة عمرها، قال الكناني ان «أمر اطالة الحكومة ليس في يد المالكي وحده، وان كان هو جزء من هذا الموضوع».
ورأى ان «مجلس النواب السابق يتحمل جزءا من هذا الموضوع عندما اخر تشريع قانون الانتخابات، ومجلس الرئاسة ايضا يتحمل جزءا من الموضوع عندما أجل يوم الانتخابات». مشيرا الى ان «الاجراءات البدائية لمفوضية الانتخابات تسببت هي الأخرى في اطالة عمر الحكومة».
ومن الممكن ان يكون حديث المالكي اشارة الى ان مشروع الاندماج مع الائتلاف الشيعي بدأ يواجه صعوبات حقيقية، خاصة وأن الطرفين لم يسميا بعد «لجنة الحكماء» التي تتولى ترشيح رئيس الوزراء المقبل، رغم مرور اكثر من 25 يوما على اعلانهما التحالف الاولي.
وخلص القيادي الصدري الى القول بأن على الجميع ان ينتظروا «مفاجآت داخل ائتلاف دولة القانون» مبينا ان «بعض الاخوة في قائمة المالكي يشعرون بالغبن لتهميشهم» دون ان يدلي بمزيد من التفاصيل.
لكن تصريحات الكناني تتزامن مع انباء عن محاولات جماعة مقربة من ايران، لإقناع بعض حلفاء المالكي مثل حزب الدعوة – تنظيم العراق، بسحب دعمهم للمالكي وتأييد مرشح آخر من طراز رئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري