البنك الدولي يفرض احتلالا اقتصاديا قاسيا على العراق العبادي وزيباري يرهنان العراق للبنك الدولي بمليار و 200 مليون دولار

القرض يزيد فقراء العراق فقرا ويمنع التعيين ويرفض تطوير الصناعات العراقية

 

وافق البنك الدولي قبل مدة ، على منح العراق قرضا بقيمة مليار و200 مليون دولار، لأجل مساعدة بغداد على ضبط أوضاعها المالية، إثر هبوط أسعار النفط وتزايد التكاليف الأمنية.
ونوه البنك، في بيان له، ببدء الحكومة العراقية برنامجا إصلاحيا وصفه بالصارم، قائلا إن الهدف من القرض هو تمويل سياسات التنمية الرامية إلى ضبط أوضاع المالية العامة، وتوفير الطاقة المستدامة، إضافة تعزيز شفافية المؤسسات التي تملكها الدولة.
وأوضح البنك أن القرض سيستخدم في إصلاح مجالات عده وأهمها نظام أجور القطاع العام، والحد من عمليات حرق الغاز، وتوسيع أنشطة توليد الكهرباء من خلال استخدام الغاز، وخفض الإنفاق على دعم الطاقة، ودعم الشفافية في المؤسسات  التابعة للدولة، وفق ما نقلت فرانس برس.
وأشار البنك إلى أن الالتزامات المالية الحالية في العراق ترتفع إلى نحو ملياري دولار، بينها 355 مليون دولار لتطوير شبكات النقل وسلامة الطرق و350 مليون دولار لإعمار وإعادة تأهيل البلديات التي تضررت في الآونة الأخيرة من الصراعات.
لكن أين تكمن المشكلة في سياسة الإقتراض من البنك الدولي، وان كانت هذه القروض هي الحل الوحيد لتجاوز الأزمة المالية العراقية، بل المؤامرة الأقليمية بتسطيح أسعار النفط، لكي يُجبر العراق وبعض البلدان للإستدانة والخروج من الوفرة الإقتصادية الى عالم الإستسلام لشروط البنك الدولي وقيودة  ذات الإيجابيات القليلة والسلبيات الكثيرة؟
“لا توجد وجبة مجانية” هذا شعار أصبح يسيطر على العلاقات الاقتصادية الدولية في مختلف المجالات، ومنها تدفق رؤوس الأموال سواء في صورة إستثمارات أو في صورة معونات أو في صورة قروض، ففي الغالب يفرض الطرف الأقوى (المقدم لهذه الأموال) شروطه على الطرف الأضعف (المتلقي لهذه الأموال)، ويأتي في هذا السياق شروط المديونية الخارجية سواء كان الحصول على هذه الديون من حكومات صديقة أو شقيقة أو من الصناديق العربية للتنمية أو من بنوك تجارية حكومية أو غير حكومية، أو من مؤسسات تمويل دولية وإقليمية مثل البنك الدولي والبنك الإسلامي وغيره.
وتوجد ثلاثة محاور أساسية في قروض برامج الإصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلي التي لجأت إليها البلدان العربية عند إعادة جدولة ديونها، وهذه المحاور الثلاثة تعتبر بمثابة آليات لتنفيذ شروط إعادة جدولة الديون، أو شروط الحصول على التسهيلات المرتبطة بعملية الجدولة، وهذه المحاور أو الآليات الثلاثة هي:
⦁    تحرير الأسعار: ويتضمن التزام الدولة المدينة بتحرير أسعار السلع والخدمات ومستلزمات الإنتاج، والحد من تدخل الدولة في تحديد الأسعار أو التسليم الإجباري للمحاصيل، وكذلك تحرير أسعار الفائدة حتى يكون سعر الفائدة الحقيقي موجب وتحرير وتوحيد أسعار الصرف، وكذلك إلغاء وجود حد أدنى للأجور، وهذا التحرير للأسعار يؤدي في الغالب إلى ارتفاع الأسعار والإضرار ببعض فئات المجتمع وخاصة محدودي الدخل.
⦁    سياسة الخصخصة: وهو المحور الذي يسعى إلى زيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي على حساب تراجع دور الدولة والتخلص من الاحتكارات العامة، وذلك عن طريق تصفية المشروعات العامة الخاسرة وبيعها للقطاع الخاص لتشغيلها على أساس تجاري يهدف إلى الربح، وهو الأمر الذي يكون على حساب تسريح العمالة ورفع أسعار السلع والخدمات التي يقدمها القطاع العام.
⦁    تحرير التجارة الخارجية: فالبنك الدولي يطالب الدول المدينة بتخفيض سعر الصرف للعملة المحلية، وإلغاء القيود على المدفوعات الخارجية، وإلغاء اتفاقيات التجارة والدفع، والسماح بعمل الوكالات التجارية الأجنبية في الأسواق المحلية، وخفض الرسوم الجمركية، وإلغاء القيود الكمية على الواردات، والعمل على تشجيع التصدير، وعدم اتباع سياسة تقوم على إحلال الواردات عن طريق الحماية للصناعات المحلية.
وقد نتج عن هذه المحاور الثلاثة سلبيات خطيرة كالتالي:
⦁    تزايد معدلات البطالة في الدول العربية حيث وصلت هذه النسبة في بعض الدول العربية إلى حوالي 15%.
⦁    انخفاض درجة إشباع الاحتياجات الأساسية للمواطن العربي بسبب ارتفاع الأسعار.
⦁    تزايد تدهور أحوال الفقراء ومحدودي الدخل في البلدان العربية.
⦁    التأثير السلبي لبرامج الصندوق في فئات الطبقة الوسطى في المجتمع العربي.
وهذه الآثار تعرف بالآثار الاجتماعية لبرامج الصندوق والبنك الدوليين والتي تحاول الدول العربية التغلب عليها عن طريق ما يعرف بشبكات الأمان الاجتماعي، خاصة عبر ما يعرف بالصندوق الاجتماعي للتنمية، وهى التجربة التي أخذت بها مصر، وهناك محاولات للاستفادة بها في اليمن وسوريا والأردن.
وإلى جانب الآثار السابقة فقد حدث تراجع في دور الدولة في البلدان العربية لصالح تزايد دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، حيث أصبحت نسبة مساهمة القطاع الخاص العربي في النشاط الاقتصادي حوالي 76% في المتوسط، وأصبح يعول عليه بأن يقوم بالدور الرئيسي في عمليات الإنتاج والتصدير والتوظيف، وحتى أصبح يعول عليه بأن يقوم بدور رئيسي في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي.
رغم الآثار السلبية السابقة لايمكن إنكار الآثار الإيجابية التي صاحبت الأخذ بسياسات البنك والصندوق الدوليين كشروط لإعادة جدولة الديون العربية وأهم هذه الآثار الإيجابية تراجع العجز في بعض الموازنات العامة ، وتراجع نسبة أجمالي الدين ، وتراجع العجز في نسبة المدفوعات، تزايد بعض الإحتياطات النقدية الرسمية.
وخلاصة القول في الآثار المترتبة على “العراق” كأي دولة عربية إستدانت من البنك الدولي، وبشروط إعادة جدولة الديون التي وضعها الصندوق والبنك الدوليان أنها أدت إلى تحقيق نتائج جيدة على الصعيد المالي والنقدي (الاقتصاد الرمزي) فقط، أي إنخفض معدل التضخم وإنخفض عجز الموازنة العامة وإنخفض عجز ميزان المدفوعات وارتفعت الاحتياطيات من العملات الأجنبية، ولكن مقابل ذلك ارتفعت معدلات البطالة وتفاقمت مشاكل أسعار الصرف وزادت مظاهر الركود وتباطؤ الأسواق وزاد عدد الفقراء وارتفعت أسعار السلع والخدمات، ويمكن عزو ذلك إلى أن معظم البلدان العربية نفذت برامج الصندوق كحزمة متكاملة من السياسات ودون النظر في مدى ملاءمتها لظروفها الاقتصادية الخاصة.
ويمكن الإشارة الى صحة هذه التوقعات السيئة والخطيرة من خلال أول إشعارات البنك الدولي وطلبه من العراق بإيقاف برنامج التعيينات في الوظائف الحكومة العامة لمدة ثلاثة سنوات، مما يثير هلعا في أوساط الشباب والخريجين في العراق ويدفعهم بإتجاهات سلبية خطيرة.
 ويبقى السؤال الجوهري الذي لم يجب عليه أحد وبالخصوص من حكومة السيد العبادي :
هل ان الإقتراض من البنك الدولي وفقا لشروطة القاسية والتي لا تتلاءم مع الواقع العراقي الحالي إطلاقا، هي الحل الوحيد كما يقول ويؤكد ويعمل على ذلك وزير المالية الحالي، هوشيار زيباري، بدون وجود أي حل آخر ؟!
وهل هناك أية خطط أخرى يمكن ان تُنفذ لكي لا يقترض العراق، أو يقلل من قيمة القرض الى حدود دنيا، لكي لايقع العراق فريسة كما حصل الآن لشروط الدَين وإعادة جدولته لاحقا؟
لاتوجد أية إجابات على هذه الأسئلة إطلاقا !!!!

Facebook
Twitter