في لقاء استثنائي حضره جمع غفير من علماء الدين وممثلي المرجعيات الدينية ونخبة من المفكرين والأكاديمين وشيوخ العشائر، بالإضافة الى ممثلي الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، أقامت مدرسة الامام الخالصي الكبير لقاءاً تشاورياً بتاريخ الخميس 3 ربيع الثاني 1437هـ الموافق 14كانون الثاني 2016م، لقراءة أوراق الفتنة الجديدة التي تعصف بالعراق وما يعانيه أبناء هذا البلد من إجرام وحشي يحصد أرواح الأبرياء وقتل وحشي من خلال تفجيرات تستهدف الإنسان العراقي، وتدمر معه البُنى التحتية وتخلق حالة من الفوضى والارباك الأمني الذي انعكس على حياة المواطنين وأمنهم واستقرارهم، وما يقابله من سلوكيات اجرامية بصورة اعمال عسكرية على أيدي قوى تكفيرية مأجورة تقدم من خلالها خدمة لأعداء الامة.
ومن اجل تطويق هذه الفتنة ودعم أبطال ومقاتلي الجيش والقوى الأمنية ومقاتلي الحشد الشعبي والمقاومة الاسلامية وهم يتصدون لهذه الفرقة المارقة تناخي علماء العراق المخلصين والشخصيات الوطنية معهم للتشاور والحوار وبيان وجهات النظر حول تداعيات الفتنة للوصول إلى نقطة إنطلاق يتم من خلالها بناء مشروع عراقي يعمل على وأدها وفضح مروجيها، والوقوف بوجه قوى الشر والضلال وفرق الموت التي تستهدف الأبرياء والآمنين من أبناء شعبنا الصابر المحتسب، وقد تضمن جدول أعمال هذا اللقاء عدة كلمات لعلماء الدين الذين حضروا اللقاء، حيث بدأت بكلمة سماحة المرجع الديني المجاهد الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) الذي رحّب بالأخوة الحضور في مدينة الكاظمية المقدسة مدينة الامامين الهمامين موسى بن جعفر ومحمد الجواد (عليهما السلام)، والتي تمثل جانباً لنهر دجلة الخير يكمله من صوبه الآخر مدينة الأعظمية مدينة الإمام أبو حنيفة النعمان (رضوان الله عليه) وهو تلميذ الامام جعفر الصادق (عليه السلام) لتكون هذه الرابطة الايمانية بين المدينتين منطلقاً لوحدة بغداد، واذا نهضت بغداد نهض العراق موحداً عزيزاً منتصراً.
ثم قال سماحته (دام ظله): علينا أن نثبت للعالم أن هنالك بلداً اسمه العراق وهناك شعباً منه انطلقت أولى صرخات الايمان بالله، ونريد أن نقول للعالم أيضاً أن العراق هو قلب العالم وليس كما يقول أصحاب المخططات التخريبية ليس هناك بلد أسمه العراق، ومن الغريب أن نرى شخصاً يدّعي الإنتماء للعراق ويتكلم بالتقسيم ويردد صدى قول الأعداء، فنحن امام خيارات عديدة إما ان نسكت على ما يجري ونترك البلد يحترق بأهله، وهذه النار لن تترك أحداً وستحرق الساكتين قبل غيرهم، وإما أن نترك العراق ونهاجر وتكون نتيجة هذه الهجرة الغرق في البحار والضياع في المهجر، أو أن نكون طرفاً في الصراع الطائفي على أسس طائفية وفي هذه الحالة لن نختلف عن غيرنا من الطائفيين القتلة ومروجي الفتنة، وإما أن نشارك في تحمل المسؤولية بالطريقة التي أمرنا الله بها، ولا نخوض الحرب كما خطط لها الأعداء، وأن نحمل راية الإسلام وندافع عن العراق كله، هذا هو المطلوب منا في هذه المرحلة الخطيرة والمفصلية في تاريخ العراق، وهذا اللقاء سيكون منطلقاً لمرحلة مهمة ينتقل فيها أبناء العراق من العلماء والمفكرين وحملة الوعي الإيماني الصادق والاكاديميين وبقية أطياف هذا الشعب من مرحلة اليأس إلى مرحلة البناء والوعي والعمل الصادق والأخوي، من أجل تطويق الفتن التي تحاك وترسم في دوائر الحقد الصهيوني الأمريكي وتنفذ مع كل أسف على أيدي بعض الضّلال من أبناء أمتنا، فمنذ أن جاء الاحتلال وضع البذرة الأولى للتقسيم عندما قسّم الشعب العراقي الى (شيعة وسنة واكراد)، حيث الغيت عروبة العراق، وأُلغي من الاكراد انتماؤهم الديني فالأكراد وفق ذلك التقسيم ليسوا مسلمين، وعلى السنة والشيعة ان يبقوا في صراع واقتتال وحروب تحصد فيها أرواح الشباب وتدمر المدن وتخريبها ويهجر الناس وتستمر المؤامرات عليهم من خلال أبواق الفتنة سواء كانت عبر الفضائيات المدسوسة والمأجورة، أو من خلال بعض السياسيين الموجهين أو الجاهلين والموْتورين والطائفيين، وأمام هذا التوجه رُفع شعار (اخوان سنة وشيعة وهذا الوطن ما نبيعه)، والأمر لم يعجب من جاء مع الاحتلال فوصل بهم الأمر إلى أن يقول بعضهم (علينا ان نحتفل بيوم 9/4 فهو يوم تحرير)، ولكن اليوم أصبح الجميع يتحدث عن الاحتلال ومساوئه ويدينها، حتى الذين جاءوا معه.
ثم جاءت كلمة للشيخ الدكتور هشام الصميدعي الذي أكد على ضرورة توحيد الجهود بين أبناء العراق وخصوصاً العلماء ومراجع الدين لأنهم ان اجتمعوا اجتمعت الامة وتوحدت وان افترقوا تفرقت الامة وضاعت ولابد من عمل يحمله العراقيون كونهم هم أهل الدار ومن مسؤولية صاحب الدار المحافظة عليه من السراق والمجرمين والمخربين.
ونبه السيد كاظم الجابري في كلمته الى مسألة خطيرة، وهي الخطر الداخلي الذي هو أشد من الخطر الخارجي، فإننا نواجه توجهات طائفية من الطرفين وهذا يحملنا أعباء التصدي لها لإسكاتها، وذلك يتطلب عملا وجهودا وتضحيات.
ثم كانت مشاركة لدار الافتاء العامة لأهل السنة على لسان الناطق الرسمي الشيخ عامر البياتي، الذي قال أن هناك سوقاً للفتن له تجاره الذين يعملون في سبيل استمرار إراقة الدماء خدمة لمصالح أعداء الاسلام، وكذلك يعملون على تدمير بيوت الله وقتل عباد الله، لذلك لابد لنا أن نكون جادين في مشروع الوحدة، وأن يكون المنبر منطلقاً لدعوة الحق لا صوتاً من أصوات الدعوة إلى الفتنة والتكفير واللعن والفرقة.
ومن كربلاء المقدسة كان للشيخ علي الخزاعي مشاركة مهمة بيّن فيها حقيقة عقلية لا يختلف عليها المتابع والعامل من أجل وطنه، وهي أن من أبرز مخلفات الإحتلال الحرب الداخلية بين أبناء البلاد المحتلة أرضهم، حتى يتمكن من تنفيذ مخططاته كما يريد، وأن من أبرز نتائجها الفتنة الطائفية.
- info@alarabiya-news.com