صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

الامام الخالصي: لم يجنِ الشعب سوى الدمار والسرقات والخراب والقتل الأعمى

دعا سماحة الامام المجاهد المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي المؤمنين الى الإلتزام بشرع الله تعالى ومعرفة حقائق الدين، والابتعادعن كل ما يؤدي إلى التيه مع وضوح الطريق، فهناك تيهٌ يأتي من عدم وجود الدلائل والعلامات الواضحة، واللبس الأعظم يكونُ مع وجود الرسالة الصادقة والمنهج الحق والدليل البيّن، وهذا هو الخطر إذا سار البعض في طريقه ولم يلتزم بدلائل هذه الرسالة.
وقال سماحته في خطبة صلاة الجمعة في جامعة مدينة العلم للامام الخالصي الكبير في مدينة الكاظمية ببغداد ” من الذي يدفع امتنا في هذا الزمان إلى هذا التيه، أليس هذا يأسٌ داخلي وتراجعٌ في العقل، والأصل ان يحترم الإنسان عقله، فمن احترم عقله لن يخدعه أحد، ولن تأخذه مدارس الغرب وما فيها من انحراف وفساد إلى غير ما أراده الله تعالى، وقد قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) (الأنفال:24)”.
وضاف سماحته ” نقول للذين يبحثون عن البدائل والدعوة إلى التمدن والانسلاخ من الدين، وهو نوعٌ من انواع التيه: هل قصر رسول الله (ص) بإبلاغ دينه، وهل قصرت الآيات القرآنية عن إيصال المعاني السامية لمجتمعٍ كريمٍ متآخٍ يعيش الجميع في كنفه بسلام؟، وهل سكت أئمة الهدى عن تبليغ رسالة جدهم المصطفى (ص) وانعزلوا عن الناس ، وتكبروا عليهم، وتركوا الأمر إلى غيرهم ليفتي بهواهْ وما يراه من غير دليل سوى هواه، ام أن أصحاب رسول الله (ص) قد تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يهاجروا من أجل نشر هذا الدين، فإذا كان الجواب كلا، فلماذا تعيشون التيه في كل جوانب الحياة؟ وما الذي دفع أمة محمد (ص) إلى البُعد عن الدين، وقد قلنا مراراً من كان عنده سؤال فليسأل، وما الذي جعل بعض الناس في مدننا المقدسة يسيرون مع اعداء الدين ويتولاهم؟. نقول: ان أغلب أدعياء العلم ممن يتصدى للمسؤولية قد صمتوا ولم يبلغوا الرسالة كما أمر الله تعالى وضيعوا الناس وعاشوا التيه، ومع كل ذلك كان هناك آخرون ما صمتوا وإنما بلغوا وبينوا وتحركوا حتى سجنوا ونفوا ولكنهم لم يستسلموا، وطوقوا وأوذوا ولم يهادنوا، وهي مسيرة الرسل والأنبياء الذين حاربهم الجهلة من أجل الأصنام، فماتوا على عبادتها”.
وتابع سماحته “لقد مرت علينا ذكرى الإمام الباقر (ع) لنقرأ من خلالها سيرته وهو القائل: (من أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال، ومن أخذ دينه من كتاب الله وسنة رسوله زالت الجبال ولا يُزال)، هذه الكلمات تُمثلُ قمة الدعوة إلى الله تعالى وعدم التوجه إلى غيره في مفردات الدين والدنيا، لقد كان الإمام الباقر (ع) صمام أمان لبقاء دولة الإسلام، حتى ولو كانت هذه الدولة تُمثل قتلة جده الحسين (ع)، إلا انه لم يكن ناظراً إلى ذلك، فالإمام الحسين (ع) أراد ان يبني دولة الإسلام على الأسس الصحيحة، وهكذا أعز الله تعالى أمة الإسلام بأئمة الهدى، فعندما تعرضت إلى أزمةٍ في عملتها أرسل الله الحاكم الاموي إلى الإمام زين العابدين (ع) مستنجداً إياه لحلها، فأرسل الإمام زين العابدين (ع) ولده الإمام محمد الباقر (ع) إلى الشام ليضع مشروع السكة الإسلامية التي حملت شعار التوحيد والرسالة، وليستغني عن سكة دول الكفر والشرك والإلحاد.
واوضح سماحته “نقول للذين استعانوا بدول العدوان والاحتلال ليطبقوا العدالة في العراق ليتخلصوا من الطاغوت، ماذا جرى وأين وصل الحال بكم في مشروعكم واحلامكم واطماعكم!!!، ازماتٌ متداخلة ودوامة لا تنتهي وقتل أعمى وتفجيرات وتهجير وتقسيم وضياع وفقدان مقومات الحياة وخزينة خاوية فارغة واقتصاد متهالك منهار، والكل مسؤول عن ذلك ولا يعفى أحد من تحمل المسؤولية عما يجري اليوم، فالكل سارق ومقصر، وأول السرّاق هو الإحتلال ويأتي من بعده من يعمل بأمرته وخدمته.”
واشار سماحته الى ان ” هناك علة متوارثة هي أزمة التواكل وعدم الشعور بالمسؤولية، فكل من تراه يقول: انا لست مسؤولاً عما يجري ويلقي باللائمة على غيره، وهذه الحالة هي التي قتلت شعبنا في الماضي ولا زالت تقتلنا، وهي تخالف قول رسول الله (ص) كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. ونقول للمتظاهرين الذين يخرجون في كل اسبوع: لا تنخدعوا بالدعوات الزائفة الرامية إلى إنشاء دولة مدنية، إن دولة اليوم التي صنعها الإحتلال هي دولة مدنية، و الإحتلال ليس مسيحي، بل هم لا دينيين. الدولة التي صنعت الكارثة اليوم هي دولة مدنية توجهها السفارة الأمريكية والبريطانية في بغداد، ولذلك لم يجنِ هذا الشعب سوى الدمار والسرقات والخراب والقتل الأعمى في كل مكان”.
واكد سماحته على “ان دعوات الإصلاح التي نسمعها من هنا وهناك لابد ان تترجم بصدق ولا يكون ذلك إلا من خلال التمسك بالدين الحق، إذا احسنّا التمسك بهذا الدين وثبتنا عليه غَّير الله ما بنا، لأننا توجهنا الوجه الصحيحة لتغيير ما بأنفسنا، فلا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم”.
واضاف سماحته “ما جرى في منى أمرٌ محزن، ومع ان هناك الكثير من الجهد المبذول والمشاريع الهندسية والأموال التي تُصرف، ولكن يقابله أيضاً كثيرٌ من الإهمال وعدم الإهتمام في مراكز الحجيج، فهم مشغولون بأمور أخرى وهذا العجر والإهمال أدى إلى هذه الكوارث. وأقول للمسؤولين بشكل مباشر، هل جرى هذا الأمر بدون مسبب؟، انتبهوا إلى من جئتم بهم لتنفيذ المشاريع من خبراء ومهندسين وبعضهم جواسيس يعمل لصالح مخابرات الأعداء، ومن شواهد ذلك حادثة الرافعة التي سقطت في نفس اليوم من 11 سبتمبر وبنفس الوقت تقريباً، وهذا ما يدعونا إلى ان لا نتسامح او نتهاون في التحقيق، وأن نبحث عن المسبب الحقيقي الذي أدى إلى كل هذه الضحايا في هذا العام. لقد كان الحجيج وهم يقفون ليأدوا مناسك الحج من عرفة إلى مزدلفة والمشعل الحرام ثم منى، يمثلون حقيقة الانتماء لهذه الأمة التي ارادها الله تعالى ان تكون واحدة متحدة، فهم بلباس واحد وبوقت واحد وتوجه واحد ولفظ واحد وقبلة واحدة يلبون لرب واحد وهو الله تعالى، هذه رسالة تؤكد وحدة الأمة تحت راية الإسلام، وترفض من يسير عكس الاتجاه من دعاة الفرقة والتحجر والتمذهب والتمزق”.

 

 

Facebook
Twitter