صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

الاسد في حوار مع مجلة فورن افيرز الأميركية: صناعة الحروب لا تجعل من اميركا دولة عظمى الشعب السوري رفض الإرهابيين وأظهر دعما متزايدا لحكومته وجيشه.

إسرائيل وقطر والسعودية وتركيا تقدم الدعم للتنظيمات الإرهابية في سورية

 

 

دمشق-سانا: أكد الرئيس  السوري بشار الأسد أنه في كل حالة أراد الجيش السوري الدخول إلى منطقة معينة نجح في ذلك لكن لا يمكن للجيش العربي السوري أن يوجد في كل كيلو متر من الأراضي السورية .. هذا مستحيل.
وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع مجلة فورن افيرز الأميركية: حققنا بعض التقدم خلال السنتين الماضيتين مشيرا إلى أن ما كسبناه أن الشعب السوري رفض الإرهابيين وأظهر دعما متزايدا لحكومته وجيشه.
وأكد الرئيس الأسد: منذ البداية كنا منفتحين على أي حوار مع أي طرف في سورية لافتا إلى أن ما سيجري في موسكو ليس مفاوضات للتوصل إلى حل .. بل إنه تحضير للمؤتمر.

وقال الاسد : منذ البداية كنا منفتحين على أي حوار مع أي طرف في سورية.. وأنا لا أقصد الأحزاب السياسية فقط.. بل أي تيار أو شخصيات أو لنقل أي كيان سياسي.. وغيرنا الدستور.. ونحن منفتحون على كل شيء.. لكن عندما ترغب بالقيام بأمر ما فإن ذلك لا يتعلق بالمنصب ولا بالحكومة بل بالسوريين أنفسهم.. قد يكون هناك أغلبية في الوسط لا تنتمي إلى أي طرف.. فإذا أردت أن تقوم بأي تغيير أو التوصل إلى أي حل سياسي ينبغي لكل سوري أن يعبر عن رأيه في ذلك. طالما أنك تتحدث عن مشكلة وطنية.. بالتالي عندما تجري حواراً فإنه لا يكون فقط بين الحكومة والمعارضة.. بل بين جميع الأحزاب والكيانات السورية.. هكذا ننظر إلى عملية الحوار.. هذا أولاً. ثانياً.. مهما كان الحل الذي ترغب بالتوصل إليه في النهاية فعليك أن تعود إلى الشعب من خلال استفتاء لأن ذلك سيتعلق بالدستور وبتغيير النظام السياسي وأي شيء آخر وبالتالي الشعب السوري هو من يقرر ذلك.

واضاف الاسد: نحن ذاهبون إلى روسيا وسنتفاوض. لكن هناك سؤال آخر هنا.. مع من تتفاوض… نحن كحكومة لدينا مؤسسات.. ولدينا جيش.. ولدينا نفوذ.. سواء كان إيجابياً أو سلبياً أو في أي اتجاه.. وفي الوقت الذي نريد. أما الأشخاص الذين ستتفاوض معهم فمن يمثلون… هذا هو السؤال. عندما تتحدث عن معارضة فإن لذلك معنى.. للمعارضة عادة وفي كل الدول ممثلون في الإدارة المحلية.. في البرلمان وفي المؤسسات.. ينبغي أن يكون لديها قواعد شعبية تتحدث هذه المعارضة نيابة عنها. مشكلتنا في الأزمة الراهنة أن علينا أن نسأل عن نفوذ هذه الأطراف على الأرض. عليك أن تعود إلى ما أعلنته الجماعات المسلحة عندما قالت مراراً إن هذه المعارضة لا تمثلنا ولا نفوذ لها علينا. وعليه ومن الناحية العملية فإذا أردت أن تجري حواراً مثمراً ينبغي لهذا الحوار أن يجري بين الحكومة وهذه الجماعات المسلحة. هذه هي الحقيقة. كما أن هناك عاملاً اخر يتعلق بالنقاش مع المعارضة.. فهناك معارضة وطنية بمعنى أنها تعمل لمصلحة الشعب السوري.. بينما لا يمكن أن تكون معارضة إذا كانت مجرد دمى في أيدي قطر أو السعودية أو أي بلد غربي بما في ذلك الولايات المتحدة.. أو تتلقى أموالاً من الخارج. ينبغي لهذه المعارضة أن تكون سورية. لدينا معارضة وطنية. أنا لا أقصي أحداً ولا أقول إن كل أطياف المعارضة غير وطنية. ما أقوله هو أنه عندما يجري نقاش ينبغي أن يتم الفصل بين المعارضة الوطنية وبين شخصيات لا تعدو كونها دمى. ليس كل حوار مثمراً.

واشار الاسد الى ان “إيران بلد مهم في هذه المنطقة وقد كان لها نفوذ قبل الأزمة.. وبالتالي فإن نفوذها لا يتعلق بالأزمة.. بل يتعلق بموقفها السياسي بشكل عام.. عندما تتحدث عن نفوذ فإن ذلك يتعلق بالعوامل المختلفة التي تجعل بلداً ما نافذاً. في الشرق الأوسط.. في منطقتنا.. هناك نفس المجتمع.. نفس الأيديولوجيا.. نفس القبائل العابرة للحدود والعديد من الأشياء المتشابهة.. وبالتالي فإن هذه العوامل جميعها تصبح عابرة للحدود.. فإذا كان لبلد ما نفوذ على أحد هذه العوامل فإن نفوذ هذا البلد سيعبر الحدود.. هذا جزء من طبيعتنا.. ولا يتعلق بالصراع. بالطبع.. عندما يكون هناك صراع.. وعندما تسود الفوضى.. فإن بلداً آخر سيكتسب نفوذاً أكبر في بلدك.. وعندما لا تكون هناك إرادة بالمحافظة على سيادة البلدان سيحدث ذلك. جواباً على سؤالك أقول إن إيران ليس لديها أي مطامع في سورية.. ونحن في سورية لم نسمح لأي بلد بأن يكون له نفوذ في بلدنا.. إننا نسمح بالتعاون.. لو أردنا السماح لبلد آخر بأن يمارس نفوذه في بلدنا.. لكنا سمحنا للولايات المتحدة بذلك. في الواقع.. إن هذه هي مشكلة الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.. إذاً نحن لا نقبل بذلك.. والايرانيون من جهتهم لا يرغبون بذلك”.

وبشأن الدعم الصهيوني للعصابات الارهابية قال الاسد: إنهم يقدمون الدعم للجماعات المسلحة في سورية.. هذا واضح تماماً.. كلما حققنا تقدماً في مكان ما يقوم الإسرائيليون بالهجوم من أجل التأثير على فعالية الجيش السوري.. هذا واضح جداً.. ولذلك يسخر بعض السوريين ويقولون.. كيف يقال إن القاعدة لا تمتلك قوى جوية… في الواقع لديهم قوى جوية هي القوات الجوية الإسرائيلية.

وبشأن المعارك مع عصابات الارهاب والموت في سورية قال الاسد: أولاً.. إذا أردت أن تصف ما يحدث فهو ليس حرباً بين بلدين أو بين جيشين حيث يتقدم طرف ويخسر الطرف الآخر بعض الأراضي ويريد استردادها.. الأمر ليس على هذا النحو. نحن نتحدث عن مجموعات مسلحة تتسلل إلى مناطق مأهولة بالمدنيين وبالتالي هناك إرهابيون سوريون يدعمون إرهابيين أجانب ويساعدونهم على الاختباء بين المدنيين ومن ثم يشنون ما يوصف بحرب العصابات.. هذا هو شكل هذه الحرب.. وبالتالي لا تستطيع أن تنظر إليها من منظور الأرض. ثانياً.. في كل حالة أراد الجيش السوري الدخول إلى منطقة معينة نجح في ذلك.. لكن لا يمكن للجيش العربي السوري أن يتواجد في كل كيلومتر من الأراضي السورية.. هذا مستحيل.. حققنا بعض التقدم خلال السنتين الماضيتين.. لكن إذا سألتني عما إذا كانت الحرب تسير على نحو جيد.. أقول إن كل الحروب سيئة لأنها تنطوي على خسائر وعلى دمار.. السؤال الرئيسي هو ما هو العامل الذي كسبناه في هذه الحرب.. ما كسبناه هو أن الشعب السوري رفض الإرهابيين وأظهر دعماً متزايداً لحكومته وجيشه.

ولذلك تمكنا من تحقيق تقدم.. بالتالي وقبل التحدث عن المكاسب على الأرض.. ينبغي أن تسأل إلى أي حد يمكنك كسب عقول وقلوب ودعم السوريين في هذه الحرب.. هنا أستطيع القول إننا كسبنا.. ما تبقى هو مسائل لوجستية وتقنية وهذه مسألة وقت.. إذاً.. الحرب تسير في اتجاه إيجابي.. إلا أن ذلك لا يعني أننا لا نخسر على المستوى الوطني.. لأننا نخسر أرواحاً ونخسر بنيتنا التحتية.. كما أن للحرب اثاراً اجتماعية سيئة للغاية

وعن احتمالية التعامل مع الولايات المتحدة الاميركية قال الاسد: الاحتمال موجود دائماً.. لأننا كنا نطالب بالتعاون الدولي لمحاربة الإرهاب منذ ثلاثين عاماً.. لكن هذا الاحتمال بحاجة للإرادة.. السؤال هو هل لدى الولايات المتحدة الإرادة لمحاربة الإرهاب على الأرض.. حتى الآن.. لم نر شيئاً ملموساً رغم الهجمات ضد /داعش/ في شمال سورية.. ما نراه حتى الآن هو مجرد عمليات تجميلية.. وليس شيئاً حقيقياً.. منذ بداية هذه الهجمات و/داعش/ تحقق السيطرة على المزيد من الأراضي في سورية والعراق.

واضاف الاسد: الأمر لا يتعلق بمزيد من الانخراط من الناحية العسكرية.. لأن الأمر لا يتعلق فقط بهذه الناحية.. بل بالانخراط السياسي.. بمدى رغبة الولايات المتحدة بالتأثير في تركيا.. لأنه إذا تمكن /داعش/ من الاستمرار كل هذه الفترة فإن هذا يعني أن الأتراك مستمرون في تزويدهم بالسلاح والمال.. هل مارست الولايات المتحدة أي ضغوط على تركيا لتتوقف عن دعم القاعدة… لم يفعلوا ذلك.. إذاً الأمر لا يتعلق بالجانب العسكري فقط.. ثانيا.. وإذا أردنا أن نتحدث عن الانخراط العسكري.. المسؤولون الأميركيون يقرون علناً بأنه ما لم يكن هناك قوات برية على الأرض لا يمكن تحقيق نتائج ملموسة.. ما هوية القوات البرية التي سيعتمدون عليها…

واكد الاسد على ان المطلوب من اميركا هو “الضغط على تركيا والسعودية وقطر كي تتوقف عن دعم الجماعات المسلحة.. وثانياً التعاون القانوني.. التعاون القانوني يبدأ بالحصول على إذن من حكومتنا لشن هذه الهجمات.. وهم لم يفعلوا ذلك وبالتالي فإن ما يقومون به غير قانوني”.

واشار الاسد الى ان ” المضحك في هذه الإدارة أنها أول إدارة في التاريخ تبني تقييماتها، ومن ثم قراراتها على وسائط التواصل الاجتماعي.. وبالتالي بوسعنا أن نسميها إدارة التواصل الاجتماعي.. هذا لا علاقة له بالسياسة.. ليس هناك دليل ملموس في كل ما ذكرت.. فجميعها اتهامات.. يمكنك أن تحضر صوراً تحصل عليها من أي شخص وتدعي وجود تعذيب.. من التقط الصور… من الموجود في الصورة… لا أحد يعرف.. ليس هناك أي تحقق من هذه الأدلة.. وبالتالي فإنها جميعها اتهامات بلا أدلة”.

وشدد الاسد على انه:
إذا توقف الدعم الخارجي والامداد وتجنيد المزيد من الإرهابيين الجدد في سورية لن تكون هناك مشكلة في هزيمتهم.. حتى في الوقت الراهن.. ليست لدينا مشكلة من الناحية العسكرية.. لكن المشكلة أنه لا تزال هناك عمليات إمداد مستمرة بشكل أساسي من تركيا.

في الواقع.. إذا نظرت إلى الخارطة العسكرية الآن.. ترى أن الجيش السوري موجود في كل زاوية.. لا أعني أنه موجود في كل مكان.. بل إنه موجود في الشمال والجنوب والشرق والغرب وما بين هذه الزوايا.

لو لم نكن نؤمن كحكومة بسورية موحدة وبأنها يمكن أن تعود إلى وضعها السابق لما كنا أرسلنا الجيش إلى كل تلك الجهات.. ولو لم نكن مؤمنين بذلك كشعب لكنت رأيت سورية مقسمة وشعبها منقسما إلى غيتوهات منعزلة على أساس عرقي أو طائفي أو ديني.. وطالما لم نصل إلى ذلك الوضع والناس يعيشون مع بعضهم البعض والجيش موجود في كل مكان.. مع العلم أن الجيش يتكون من جميع ألوان الطيف السوري وجميع مكونات النسيج الاجتماعي السوري.. طالما كل ما سبق موجود في سورية فذلك يعني أننا جميعاً نؤمن بأنه ينبغي أن تعود سورية إلى ما كانت عليه.. وأنه ليس لدينا أي خيار آخر.. ولأنها إذا لم تعد إلى ما كانت عليه فإن ذلك سيؤثر في جميع البلدان المحيطة.. إنه نسيج واحد.. وسيكون لما يحدث في سورية أثر الدومينو من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي.

وتابع الاسد :أعتقد أن الأمر الطبيعي هو أن تطلب من أي مسؤول في العالم أن يعمل لمصلحة شعبه.. والسؤال الذي يمكن أن أطرحه على أي مواطن أميركي.. ما الذي تكسبه كأميركي من دعم الإرهابيين في بلادنا ومنطقتنا… ما الذي كسبته من دعم الإخوان المسلمين قبل بضع سنوات في مصر وبلدان أخرى… ما الذي كسبته من دعم شخص كأردوغان… الأمر الثاني.. لقد سألني أحد المسؤولين في بلادكم قبل حوالي سبع سنوات في نهاية اجتماع عقدناه في سورية..
كيف تعتقد أنه يمكننا حل المشكلة في أفغانستان.. قلت له.. ينبغي أن تكون قادراً على التعامل مع مسؤولين ليسوا دمى ويمكن أن يقولوا لك.. /لا/.. بالتالي.. فإن بحث الولايات المتحدة عن مسؤولين دمى ودول زبائنية ليست هي الطريقة المثلى للمحافظة على مصالح بلادكم.. أنتم أكبر قوة في العالم اليوم.. لديكم الكثير من الأشياء التي يمكن أن تنشروها حول العالم.. المعرفة والابتكار وتكنولوجيا المعلومات بآثارها الإيجابية.. كيف يمكن أن تكونوا الأفضل في تلك المجالات والأسوأ في المجال السياسي… ثمة تناقض هنا.. وهذا ما أعتقد أن على الشعب الأميركي تحليله ومعرفة أسبابه.. لماذا تفشلون في كل حرب…

يمكنكم أن تبدؤوا حرباً وأن تخلقوا مشكلات.. لكنكم لا تستطيعون حل أي مشكلة.. مضى عشرون عاماً على بداية عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل ولا تستطيعون تحقيق شيء.. رغم أنكم بلد عظيم. ان المحافظة على الاستقرار في الشرق الأوسط.. وسورية هي قلب الشرق الأوسط.. الجميع يعرف ذلك.. إذا مرض الشرق الأوسط سيتزعزع استقرار العالم بأسره.. في عام 1991 عندما بدأنا عملية السلام كان لدينا الكثير من الأمل.. الان وبعد عشرين عاماً لم تعد الأشياء إلى نقطة الصفر بل إلى ما دون الصفر بكثير.. إذاً فالمطلوب هو المساعدة في تحقيق السلام في المنطقة ومحاربة الإرهاب ودعم العلمانية ومساعدة هذه المنطقة اقتصادياً والمساعدة في رفع سوية العقول والمجتمع كما تفعلون في بلادكم.. هذه هي رسالة الولايات المتحدة المفترضة.. وليس شن الحروب.. إن شن الحروب لا يجعل منكم قوة عظمى.

 

Facebook
Twitter