اعترافات جنرال الهزيمة القسم الثانيزيباري: قنبر وغيدان هربوا فاصيبت القطعات العسكرية بالشلل

الجنرال مهدي بونابريت يهرب من الموصل بسيارة عجلاتها بلا هواء

 

كتب: مصطفي العبيدي وعلي الحميد: 

بحلول التاسع من يونيو حزيران كان العقيد العبيدي من الكتيبة الرابعة و40 من رجاله من بين آخر رجال الشرطة المحلية الذين يقاتلون لصد الجهاديين في غرب الموصل. أما الباقون فكانوا إما انضموا للجهاديين أو هربوا من الخدمة.

وقبيل الساعة الرابعة والنصف عصرا اتجهت شاحنة صهريج عسكرية لنقل المياه صوب فندق الموصل حيث كان العبيدي ورجاله يرابطون. وأطلقت الشرطة النار على الشاحنة التي انفجرت وتحولت إلى كتلة هائلة من النار والشظايا.

وقال العبيدي الذي أصيب بجرح في ساقه من جراء الانفجار “لم أشعر بشيء. فقد هز الصوت الموصل كلها لكني لم أسمع شيئا.”

وتوعد العبيدي بمواصلة القتال وهو يلوح بمسدسه. ونقله رجال الشرطة إلى زورق لعبور النهر إلى منطقة آمنة. وشهد ضباط عسكريون ومسؤولون محليون بل ومسؤولون أمريكيون أدلوا بشهادتهم فيما بعد أمام الكونجرس أن هجوم الفندق هو ما أدى لانكسار الجيش والشرطة في الموصل.

وبعد ذلك ذاب الخط الدفاعي في غرب المدينة فلم يعد له وجود.

وبعد حوالي ثلاث ساعات ومع انتشار التقارير عن قيام الشرطة الاتحادية بحرق معسكراتها والتخلص من الزي العسكري اجتمع محافظ نينوى ومستشاره مع قنبر وغيدان في قيادة العمليات قرب المطار.

وكان المستشار خالد العبيدي نفسه ضابطا متقاعدا وعضوا في البرلمان انتخب حديثا. (ولا تربط المستشار صلة قرابة بالعقيد العبيدي).

وحث القادة العسكريين على الهجوم بالفرقة الثانية التي ظلت ساكنة نسبيا على الجانب الآخر من النهر في شرق الموصل.

وقال قنبر إن لديهم خطة. وحث مستشار النجيفي الغراوي على الهجوم. وقال الغراوي إنه لا يمكنه المجازفة بنقل الجنود ورجال الشرطة الاتحادية الذين تبقوا معه.

وقال المستشار “يمكننا أن نأتي لهم بالقوة.”

وقاطعه قنبر قائلا إن على المحافظ ومستشاره أن يؤديا ما عليهما من واجب وأضاف “ونحن سنؤدي واجبنا.”

وغادر المحافظ ومستشاره القاعدة الساعة 8:25 مساء غير واثقين من خطة العسكريين.

وقبيل الساعة التاسعة والنصف مساء أبلغ قنبر وغيدان الغراوي بأنهما سينسحبان إلى الجانب الآخر من النهر.

وقال الغراوي “قالا مع السلامة فحسب. لم يقدما لي أي معلومات أو أي سبب.”

ويقول الغراوي وضباط آخرون إنهما أخذا من قوات الغراوي 46 رجلا و14 شاحنة بيك اب وعربة همفي أي معظم ما لدى وحدته الأمنية. وتقول روايات عدة إن الضابطين صاحبي الرتبة الرفيعة نقلا قيادة المدينة إلى قاعدة على الجانب الشرقي من المدينة.

وقال الغراوي إن قافلة غيدان وقنبر المتقهقرة خلقت الانطباع بأن قوات الجيش العراقي تهجر الميدان. وأضاف “هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير. هذا هو أكبر خطأ.”

وقال المحافظ النجيفي إن الجنود افترضوا أن قادتهم هربوا وخلال ساعتين كان أغلب رجال الفرقة الثانية قد هربوا من الخدمة في شرق المدينة.

وظل الغراوي و26 من رجاله مختبئين في قاعدة عملياتهم في الغرب التي اجتاحها المقاتلون المهاجمون.

ويقول الغراوي إن غيدان اتصل به في تلك الليلة وأكد له أن الجيش يسيطر على شرق الموصل.

ويقول الفريق أول زيباري رئيس هيئة أركان القوات المسلحة في بغداد إن غيدان وقنبر غادرا الموصل خلال الليل ووصلا إلى كردستان في العاشر من يونيو حزيران.

ويتساءل زيباري “طبعا بمجرد أن يترك القائد الجنود ويرحل فلماذا تريد أن تحارب؟ القائد الكبير هو العقل المحرك للعملية. ما أن يهرب حتى يصاب الجسد كله بالشلل.”

ويقول زيباري إنه لا يعرف من أصدر الأمر بالرحيل. وقال لرويترز إن غيدان وقنبر يتصرفان دون علم وزارة الدفاع ويرفعان تقاريرهما مباشرة إلى المالكي.

وفي الساعات الأولى من صباح اليوم التالي اتصل زيباري بالغراوي وحثه على مغادرة مركز قيادة العمليات. ويتذكر الرجلان قول زيباري “ستقتل. أرجوك انسحب.”

ورفض الغراوي وأصر أنه يحتاج لموافقة المكتب العسكري التابع للمالكي لكي يرحل.

وعقب ذلك قرر الغراوي أن يقاتل للوصول عبر جسر إلى شرق الموصل. واتصل بغيدان لابلاغه بذلك. وقال له “سوف أقتل. أنا محاصر من جميع الجهات. انقل تحياتي لرئيس الوزراء وقل له إنني فعلت كل ما في وسعي”.

وانحشر هو ورجاله في خمس عربات واتجه صوب النهر. وعلى الضفة الشرقية أشعلت النار في العربات الخمس. وظل هو ورجاله يتفادون طلقات الرصاص والحجارة. ولقي ثلاثة من الرجال مصرعهم بالرصاص. وقال الغراوي إن المسألة أصبحت أن يحاول كل واحد النفاد بجلده.

وفي الشرق قال الغراوي إن ثلاثة من رجاله استولوا على عربة مدرعة كانت اطاراتها فارغة من الهواء واتجهوا بها شمالا بحثا عن الأمان.

بحلول آب كان الغراوي قد عاد إلى مدينته في جنوب العراق ليعتني بأولاده غير واثق من خطوته التالية. وفي يوم من الأيام تلقى مكالمة من صديق بوزارة الدفاع تبين منه أنه رهن التحقيق لهروبه من الخدمة في الموصل.

وفي الوقت نفسه رقى المالكي قنبر وسعى لحماية غيدان. وبعد استقالة رئيس الوزراء في 15 اب أرغم الرجلان أيضا على التقاعد.

وكان ذلك بمثابة محاولة من حيدر العبادي رئيس الوزراء الجديد للبدء من جديد والسعي لإعادة بناء القوات العراقية.

وأغلق العبادي المكتب الذي اعتاد المالكي أن يوجه منه القادة وفي هدوء أحال الضباط الذين كانوا يعتبرون موالين لسلفه إلى التقاعد.

أما تطهير المؤسسات الأمنية من الطائفية وسبل التحايل لجمع المال والمناورات السياسية فسيستغرق سنوات.

والآن على الغراوي أن يتحمل المسؤولية عن سقوط الموصل. ويرى زيباري أن في ذلك ظلما.

يقول زيباري “الغراوي كان ضابطا يؤدي عمله لكن حظه تعثر مثل كثيرين غيره من الضباط. كلنا علينا أن نتحمل بعض المسؤولية. كل واحد منا”.

وقبل أسبوعين في بغداد قال الغراوي بذقن غير حليق وصوت أجش أنه يقبل مصيره أيا كان.

وأضاف “ربما يصدر عفو عني وربما أسجن وربما أشنق”.

Facebook
Twitter