الجنرال مهدي بونابرت من بيع المعتقلين الى بيع الموصل
كيف وفر الغراوي اجواء نمو خلايا الارهاب النائمة في مدينة الموصل ؟
كتب : مصطفى العبيدي وعلي الحميد:
مازالت قضية سقوط مدينة الموصل تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي محل بحث وفحص وتمحيص لجميع الادوار والشخصيات والظروف التي رافقتها، ومحل قلق ابناء الشعب العراقي من ان تؤدي تلك الهزيمة الى هزائم اخرى على اكثر من صعيد خاصة بعد سياسة الانبطاح التي ابدتها حكومة العبادي مع الدول الممولة للارهاب والداعمة له والتي شكل فكرها المتخلف الظلامي التكفيري مصدرا من مصادر الوحشية الارهابية.
فق كشف قائد عمليات الموصل السابق الفريق عبد المهدي الغراوي أن قادة عسكريين باعوا الموصل وهربوا قبل المواجهة مع تنظيم داعش، وأن المسلحين سيطروا عليها قبل الهزيمة.
وادلى الغراوي باعترافات خطيرة لقناة فضائية عراقية، تعد الأولى لقائد عسكري رفيع بعد سقوط نينوى، في الوقت الذي تجري فيه لجنة نيابية التحقيق مع قادة عسكريين مسؤولين عن سيطرة داعش على الموصل.
واعترف الغراوي الذي كان أكبر قائد عسكري في الموصل، أن معركة الموصل لم تحدث اصلا، وأن الهزيمة وقعت قبل الدخول في اية معركة او مواجهة مع العدو.
ووجه الفريق الركن مهدي الغراوي الاتهامات للفريق الاول الركن علي غيدان قائد القوات البرية المقال، وحمله بالدرجة الاولى المسؤولية عن هذا الاخفاق مع وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي، واتهمهما بأنهما كانا السبب في نكسة العاشر من حزيران 2014 التي تمثلت بسقوط الموصل من دون قتال وأكد ان غيدان هو المتآمر رقم واحد وهو من أسهم بسقوط الموصل، واتهمه بأنه باع الموصل وانه سافر إلى الخارج قبل أيام من سقوط الموصل، مؤكدا أن وزير الدفاع سعدون الدليمي وعلي غيدان لم يتصلا به أثناء أو بعد سقوط الموصل. ونوه الغراوي أن العناصر المسلحة كانت تسيطر على الموصل قبل سقوطها بيد داعش في العاشر من حزيران الماضي.
وذكر الغراوي أنه كان يطلع المالكي وغيدان باستمرار على تطورات أية قضية تجري في نينوى، وأن غيدان مرسل من المالكي وهو فوق الجميع ويتمتع بصلاحيات مطلقة، كما ذكر أنه اتصل بممثل المرجعية الشيعية عبد المهدي الكربلائي لإطلاعه على الموقف العسكري في الموصل. وعلق الصحافي الذي التقى الغراوي قائلا: «إذا كانت المرجعية العليا والرجل الأول في الحكومة والقيادات العليا تعرف بسقوط الموصل قبل وقوعها بيد «داعش» فهذه هي «الطامة الكبرى» إذا كان كل هؤلاء يعلمون أن الموصل ستسقط ولا أحد يتحرك لانقاذ المحافظة من السقوط بيد داعش». وحاول الغراوي أن يوجه الاتهامات أيضا لمحافظ نينوى أثيل النجيفي ويتهمه بالخيانة، مدعيا أن المحافظ هو السبب الرئيس لسقوط نينوى، وحاول ادعاء وجود علاقة مشبوهة لأثيل النجيفي مع أطراف معارضة لتأكيد أنه مشارك في عملية سقوط نينوى واتهامه بالخيانة. وكان هذا الطرح هو الذي كرره المالكي لتحميل النجيفي المسؤولية عن الهزيمة رغم أن النجيفي لم تكن لديه أية صلاحيات عسكرية.
كما حاول التشكيك بولاء الضباط والمقاتلين من الموصل والأنبار وديالى في القوات المسلحة العراقية، وذكر أنهم «قدم هنا وقدم هناك» اي أنهم كانوا ضمن الحكومة ومتعاونين مع المعارضة.
وفي محاول للتهرب من المسؤولية، سعى الغراوي لتحميل آمري الوحدات من الموصل وأفراد الجيش من أبناء نينوى سقوط محافظتهم. وذكر أنه أبلغ عنهم أكثر من مرة بضرورة استبدالهم وأنهم سيئون وليسوا بحجم المسؤولية.
وكان المعروف عن الغراوي أنه لا يرتاح للتعامل مع ضباط الموصل ويفضل التعامل مع الضباط الاخرين ، ساعيا إلى القول إنه لو كان هؤلاء من أبناء طائفته لما انهزموا أمام داعش من وجهة نظره، في وقت يعترف بأن كل اهالي الموصل وشعبها كان يكره الجيش ويحقد عليه بسبب ممارساته الطائفية ضدهم، دون أن يعترف أن ذلك الأمر كان أحد الاسباب في خلق هذه العداوة وتسهيل سيطرة داعش على المحافظة.
وتطرق إلى أسباب أخرى في سقوط الموصل وهي سوء توزيع القطعات من حيث عدد الألوية وتوزيعها ضمن ساحة عملياته، مشيرا إلى صدور قرارات تبديل القادة مرارا وتغييرهم دون علمه محاولا إبعاد مسؤولية تشتت الوحدات وضعفها عن نفسه.
كما أشار إلى أن العدد الفعلي للمقاتلين في الوحدات كان أقل من نصف العدد المعلن وأن الكثير من الوحدات كانت تنقصها العربات المدرعة والدبابات وآلياتها غير صالحة للقتال. وبالنسبة لأوامر انسحاب القطعات العسكرية من الموصل، ذكر أنها جاءت من وكيل وزير الداخلية عدنان الأسدي الذي لا يمكن أن يصدر هذه الأوامر بدون توجيهات من المالكي.
واعترف الفريق الغراوي أنه كان يتجاوز مراجعه وقياداته العليا باستمرار ويجد فيه المالكي أنه من يمكن ان يعتمد عليه، وانه كان يبلغ المالكي بكل صغيرة وكبيرة وعلى مدار اليوم، وكأنه موظف صغير عند المالكي وليس قائدا عسكريا ذا منصب قيادي عليه ان يلتزم بالسياقات العسكرية المتعارف عليها في الميدان والضبط العسكري.
وردا على تصريحات الغراوي، قال الفريق علي غيدان قائد القوات البرية السابق في تصريحات صحافية إن «المعلومات والاتهامات التي أعلنها الفريق مهدي الغراوي القائد السابق لعمليات نينوى من على إحدى الفضائيات المحلية غير صحيحة على الاطلاق»، نافياً الاتهامات له «ببيع مدينة الموصل». وأكد أنه كان يبلغ المالكي بكل التطورات في الوضع العسكري في الموصل.
وأضاف غيدان أن «الغراوي مطلوب للقضاء ومحال إلى محكمة عسكرية بأمر من القائد العام للقوات المسلحة السابق نوري المالكي وهو شخص هارب من الجيش العراقي».
وكانت تظاهرة كبيرة خرجت في شارع المتنبي ببغداد ضمن تحرك شعبي وسياسي للمطالبة بكشف وقائع التحقيق مع المسؤولين عن سقوط الموصل على وسائل الاعلام.
ويعتقد المتابعون لاعترافات الفريق عبد المهدي الغراوي أنه حاول إبعاد المسؤولية عن نفسه وعن نوري المالكي، كما ركز في حديثه على مآثره في حماية الزائرين إلى كربلاء، في محاولة لكسب مواقف البعض معه في مواجهة المحكمة التي سيواجهها بتهمة الخيانة العظمى بعد إحالته اليها من قبل اللجنة النيابية التحقيقية الخاصة بتحديد أسباب سقوط الموصل والتي بدأت في التحقيق مع القادة العسكريين المسؤولين عن سيطرة داعش على الموصل دون قتال.
ويذكر جميع اهل الموصل تصرفات الغراوي الطائفية عندما تولى إدارتها عسكريا، ومنها قطع الشوارع لساعات عند مروره بها وكثرة إلقائه القبض على الشباب بتهمة 4 ارهاب وابتزاز اأهل بذلك وتكوينه ثروة كبيرة إضافة إلى سلوكه الطائفي ضد المحافظة.
وتشير المعلومات الى ان الفريق مهدي الغراوي الذي وصفه الزميل عبدالرضا الحميد في مقال منشور في هذا العدد يعلم أن الهجوم قادم.
ففي أواخر أيار اعتقلت قوات الأمن العراقية سبعة أعضاء في تنظيم داعش في مدينة الموصل وعلمت أن المجموعة تخطط لشن هجوم على المدينة في أوائل حزيران.
وطلب الغراوي قائد العمليات في محافظة نينوى تعزيزات من أكثر القادة تمتعا بثقة رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي.
ولأن الجيش العراقي كان منهكا تجاهل الضباط الكبار هذا الطلب.
كما نقل دبلوماسيون في بغداد معلومات عن هجوم وقيل لهم أن قوات عراقية خاصة ترابط في الموصل وبإمكانها التعامل مع أي تطورات.
وفي الرابع من حزيران حاصرت الشرطة الاتحادية في الموصل تحت قيادة الغراوي القائد العسكري لتنظيم داعش في العراق ففضل أن يفجر نفسه على الاستسلام. وكان الغراوي يأمل أن يمنع مقتله الهجوم المرتقب. لكنه كان مخطئا.
ففي الساعة الثانية والنصف صباح يوم السادس من حزيران عاد الغراوي ورجاله إلى غرفة العمليات بعد تفقد نقاط التفتيش في المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. وفي تلك اللحظة كانت قوافل من شاحنات البيك أب تتقدم من اتجاه الغرب عبر الصحراء التي تقع فيها الحدود الفاصلة بين العراق وسوريا.
وكان بكل شاحنة أربعة من ارهابيي داعش. وشقت هذه القوافل طريقها إلى نقاط التفتيش التي كان بكل منها رجلان لتدخل المدينة.
وبحلول الساعة الثالثة والنصف صباحا كان الارهابيون يحاربون داخل الموصل. وبعد ثلاثة أيام ترك الجيش العراقي الموصل ثاني أكبر مدن العراق للارهابيين.
وأدى سقوط المدينة إلى سلسلة من الأحداث التي مازالت تعيد تشكيل العراق رغم مرور أشهر.
فكانت سببا في بدء هجوم استمر يومين واقترب فيه ارهابيو التنظيم لمسافة 153 كيلومترا من بغداد مما أدى لسقوط أربع فرق عراقية وأسر ومقتل آلاف الجنود العراقيين.
وساهم هذا الهجوم في إزاحة المالكي عن منصبه.
لكن الغموض ظل حتى الآن يكتنف الظروف التي أحاطت بسقوط الموصل وبمن أصدر الأمر بترك القتال والانسحاب.
فلم تصدر رواية رسمية لما حدث ولم ينشر سوى ما رواه الجنود عن عمليات هروب جماعي من الخدمة ومزاعم من قوات المشاة بأنها اتبعت أوامر صدرت لها بالهرب.
وفي حزيران اتهم المالكي دولا بالمنطقة لم يذكرها بالاسم وقادة وساسة منافسين بالتآمر لإسقاط الموصل لكنه لزم الصمت منذ ذلك الحين.
ومع ذلك القت بغداد اللوم على اللواء الغراوي.
ففي أواخر آب اتهمته وزارة الدفاع بالتقصير في واجبه. وهو الآن ينتظر ما تتوصل إليه هيئة تحقيق ثم محاكمة عسكرية. وإذا كان قرار المحكمة بالإدانة فمن الممكن أن يحكم عليه بالاعدام.
وتم أيضا احتجاز اربعة من ضباط الأمن الذين كانوا يخدمون تحت إمرة الغراوي انتظارا لمحاكمتهم ولم يتسن الاتصال بهم.
هذا ويظهر تحقيق أجرته وكالة رويترز للانباء أن مسؤولين عسكريين من مستوى أرفع والمالكي نفسه يتحملون جانبا من اللوم على الأقل.
فقد شرح عدد من أرفع القادة والمسؤولين العراقيين بالتفصيل للمرة الأولى كيف استفاد تنظيم داعش من نقص القوات والخلافات فيما بين كبار الضباط والزعماء السياسيين في العراق وحالة الذعر التي أدت إلى ترك المدينة.
ويقول الضباط والمسؤولون في تصريحات صحفية إن المالكي ووزير دفاعه ارتكبا خطأ مبكرا فادحا برفض عروض متكررة من القوات الكردية المعروفة باسم البشمركة لتقديم المساعدة.
ودور الغراوي في الكارثة موضع خلاف. فالغراوي في البلاد ويقول محافظ نينوى وكثير من المواطنين إنه استعدى الأغلبية في الموصل قبل بدء المعركة.
وساهم ذلك في ظهور الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش داخل الموصل نفسها. واتهم ضابط عراقي الغراوي بأنه لم يحشد القوات لوقفة أخيرة في مواجهة داعش.
من جانبه يقول الغراوي إنه ظل صامدا ولم يصدر الأمر النهائي بالانسحاب من المدينة. ويقر آخرون اشتركوا في المعركة صحة هذا الزعم ويقولون إن الغراوي ظل يقاتل حتى سقطت المدينة. وعند ذلك فقط هرب الغراوي من ساحة المعركة.
ويقول الغراوي إن واحدا من ثلاثة أشخاص ربما يكون قد أصدر الأمر النهائي هم عبود قنبر الذي كان في ذلك الوقت نائبا لرئيس الأركان بوزارة الدفاع أو علي غيدان الذي كان قائدا للقوات البرية أو المالكي نفسه الذي كان يوجه كبار الضباط من بغداد بنفسه.
ويقول الغراوي إن سر من قرر الانسحاب من الموصل يكمن مع هؤلاء الثلاثة. ويقول الغراوي إن قرار غيدان وقنبر ترك الضفة الغربية للموصل كان سببا في هروب جماعي من الخدمة لأن الجنود افترضوا أن قادتهم هربوا.
وأيد مسؤول عسكري عراقي رفيع ذلك.
ولم يعلق أي من الرجال الثلاثة علانية على قراراتهم في الموصل. ورفض المالكي طلبات صحفية لإجراء مقابلة بهذا الشأن وكذلك الامر مع غيدان وقنبر.
وقال اللواء قاسم عطا المتحدث العسكري الذي تربطه علاقات وثيقة بالمالكي لرويترز إن الغراوي “قبل الآخرين جميعا… فشل في دوره كقائد.” وقال إن الباقين “سيكشف عنهم أمام القضاء.”