ابطالها النقاد الطارئون والصحفيون الاصدقاءصناعة الادباء المزيفين.. تزدهر في الوسط الثقافي العراقي

عبدالجبار العتابي

 

 تكثر في الوسط الثقافي العراقي المجاملات الرخيصة جدا، التي سرعان ما تنتج شائعات خطيرة تعلن عن ولادات جديدة  لأسماء تدخل ساحة الادب والثقافة، وهي بدورها تدخل في اطوار عديدة سريعة تتجاوز ما نسمعه في علم الاحياء عن (عذراء داخل شرنقة)، فتتزوق وتتهندم وتتعطر بأفعال آخرين وبأصرارهم على ايجادات مساحات ضوئية مناسبة وصعودات الى منصات عالية،ومن ثم تضاف اليها مؤثرات صوتية وصورية كالتصفيق والتحشيد لها اينما تحل وتقديمها بالصورة البهية بكلمات تقطر عسلا لاسيما في اجراءات النقد الادبي او مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت حيث تتصاعد الهتافات والاعجابات بكل حرف الى حد القول بأنبهار (الله..)، ومن ثم (أعد.. أعد)!!، وهكذا حتى الذي يدري انه لا يدري تصيبه عدوى التصفيق والاعجاب.

ويؤكد مثقفون عراقيون ان الاسباب وراء ذلك هم الاصدقاء من النقاد والصحفيين والعلاقات الشخصية التي تؤدي بالطارئين والطارئات الى إعتلاء منابر الثقافة العراقية بالتهريج والإفتعال والتلميع وإصدار الكتب والكتابة عنها،فضلا عن ان البعض يشير الى ان هناك من يكلف بالكتابة وبالدعم المادي والمعنوي.

فقد اكد الشاعر الدكتور حسين القاصد ان هذه الازمة يخلقها ناقد صديق وصحفي صديق ن وقال: يبدو انه نوع من الكمين او الفخ الذي وقعت فيه انا في مهرجان الجواهري الاخير حيث اسهمت في صناعة الادباء المزيفين او ما يسمون بالادباء المزيفين،فالمزيف لن يكون اديبا لكنني وقعت في كمين ان اكون في لجنة القراءات وان اختار الذين يقرأون في الجلسات وبناء على ذلك كان جميع المدعوين من المحافظات يصلون الى بغداد،وحين يصل الى بغداد فلا مناص ولا فرار من جعله يقرأ في المهرجان،لذلك اتحمل هذه الفرصة لكنني الوم الجهة الداعية وهي اتحاد الادباء الذي كان عليه ان يدعو الذين يستحقون القراءة ولا بأس ان نحدد الاسماء التي لا تجيد اللغة حتى الان وما زالت تخطيء لكي نقيم لهم دورات في اللغة العربية وان رفضوا نلغي عضويتهم.
واضاف: هذه الظاهرة استشرت واصبحت داء وسوف تتسيد الموقف وتصبح هي الصحيح،فبعض النقاد الذين يفعلون مثل هذا الفعل هم الذين يتحسسون من الشكل ومن الحداثة ومن الوزن وقد استسهل العملية النقدية، بعض النقاد كان شاعرا فاشلا،ثم ان الذي صنع الازمة الثقافية في البلد هما اثنان في المؤسسة،الصحفي الصديق والناقد الصديق.

طبقة المزورين
فيما ألقت الشاعرة رسمية محيبس باللوم على المحسوبين على الثقافة، وقالت: هذه الظاهرة ليست بغريبة عن الوسط الثقافي ولكنها إستشرت مؤخرا لإلتباس المشهد وبروز طبقة من المزورين إعتلت المشهد وأفلحت في خلق هذه الظاهرة كما إن ضعف المؤسسة الرسمية من إتحاد أدباء ووزارة ثقافة كونها أصبحت مؤسسة تكتلات أدى الى بروز تلك الطبقة من مدعي الثقافة إضافة الى شيوع وسائل التواصل الإجتماعي وخاصة الفيس بوك جعلت كل من يقدر على كتابة جملة واحدة ينال الإعجاب من أصدقائه ومتابعيه فصار كاتبا وشاعرا،كما إن لكل كتلة وحزب نشاطاته الثقافية ومهرجاناته التي تدعم المقربين اليه كما حدث مع بغداد عاصمة الثقافة وطبعت عشرات الكتب وأهدرت أموال طائلة على المهرجانات التي تواصلت طيلة العام،لكن كيف تمت دعوة هؤلاء وتكرر حضورهم أكثر من مرة؟
واضافت: هناك بعض المحسوبين على الثقافة صنعوا أسماء وهمية ودفعوا بها الى إعتلاء منابر الثقافة العراقية بالتهريج والإفتعال والتلميع وإصدار الكتب والكتابة عنها،هناك من يكلف بالكتابة وبالدعم المادي والمعنوي، إن الأديب الذي يواصل السكر في غرف الفندق خلال المهرجان يتسلم ظرفا ب500 الف أو أكثر في نهاية الفعالية مكافأة لحضوره الثقافي المبدع.

الشائعة الثقافية لم تزل فاعلة
من جانبه اكد الشاعر احمد عبد السادة ان هذه الظاهرة ما زالت فاعلة، وقال: لعبت الشائعة الثقافية دورا سلبيا في العديد من الخرائط الزمنية لثقافتنا العراقية، وهذا الدور السلبي الذي لعبته الشائعة سابقا اسهم بانتاج الكثير الكثير من الموجهات المضللة التي كانت اسسا ارتكز عليها شيوع عدد من التجارب الابداعية التي لم تكن ذات منسوب ابداعي عال ومهم، وقد رأينا مثلا،في عهد ازدهار الايدلوجيات، كيف قامت ماكنات الشائعات الايدلوجية بصناعة بعض الاسماء (الكبيرة) والترويج لها وزجها بقوة الاعلام المكثف، في الفضاء الثقافي والابداعي كعناوين ورموز مهمة على الرغم من بساطة وفقر الارضية الثقافية والابداعية لتلك الاسماء.
 واضاف: للاسف.. الشائعة الثقافية لم تزل اى الان فاعلة في المشهد الثقافي العراقي،ولم تزل نارها مستعرة بحطب الميول او الاختلافات الايدلوجية والشخصية وقد اخذت مؤخرا طابعا تكنولوجيا من خلال ظاهرة (الشلل الفيسبوكية)،، الشائعة لم تزل تقذف الى ساحل الثقافة المنكوب بالعديد من الاكاذيب المتلفعة بقشرة الحقيقية.

لا يصح الا الصحيح
اما الشاعر اجود مجبل فقد اشار الى ان الخلل في المجتمع، وقال: ظاهرة اعطاء شعراء غير حقيين صفة شاعر مهم من قبل بعض النقاد غير صحيحة تماما، وهي موجودة منذ زمن طويل، وهي تخضع لمعايير المصلحة والعلاقات العامة والتأثيرات، ولكن الشاعر غير الحقيقي لا يمكن ان يصل الى نهاية الطريق،سيسقط اثناء المسيرة،انا اراها ليست مشكلة فبالنهاية لا يصح الا الصحيح ولا يبقى الا الشاعر الحقيقي والمثقف الحقيقي.
 واضاف: الشهرة لا تعني شيئا امام الابداع والانجاز،الشهرة ستنحسر بعد ان يزول المؤثر الذي هو كتابة الناقد (س)، ومن وجهة نظري ان الخلل هنا في المجتمع،فمن ضمن نقائص المجتمع العراقي هذه التأثيرات والعلاقات غير الحقيقية.

النقد الاخواني
فيما اشار الشاعر حمدان طاهر المالكي الى النقاد الذين يكتبون مقابل اموال، وقال: يوجد لدينا نقد اخواني يهتم بالاسماء المكرسة هذا من ناحية، والناحية الاخرى يوجد نقد قائم على المصلحة والعلاقة يعني مفهوم التخادم  الثقافي كما يطلق عليها الان.
واضاف: توجد في الساحة الثقافية اسماء كثيرة اقيمت لها جلسات في الاتحاد العام للادباء وامكنة ثقافية اخرى هي اسماء غير فاعلة في الساحة الشعرية العراقية وهؤلاء هم من شعراء وشاعرات هم اناس اجتماعيون نجحوا في العلاقات الاجتماعية واستطاعوا ان يصلوا وهم بأختصار يعرفون من اين تأكل الكتف  ويوجد لدينا نقاد يكتبون بمقابل مادي.

استسهال مهنة المسؤولية
اما الناقد زهير الجبوري فقد اشار الى المصالح الشخصية الدنيئة، وقال: يبدو ان الساحة الشعرية العراقية الآن تشتغل على مبدأ اعطاء الفرص لجماعة كبيرة من الشباب بغية النهوض بواقع شعري يمكن يكتشف بعض المواهب، في الحقيقة نحن مع هذه الخطوة بشرط ان تكون هذه المواهب صاحبة منجز حقيقي او صاحبة موهبة حقيقة يمكن الاشتغال على تغذية موهبتها، لكن البعض اجده يقف عند منصة الاستسهال لبعض المصالح الشخصية الدنيئة، ربما لأن غياب الرقيب يسهل في متابعة واقصاء هذه الجماعات.
واضاف: الشعر جوهر حقيقي لايمكن ان يصنع من قبل احد، وهذا يردم الهوة بين الطرفين.. انا يمكن لي ان اقدم تجربة شعرية شابة، ولا يمكن ان اصنع تجربة، ولهذا كان البعض ممن امتلك سلطة المراقبة والكتابة بهذا الجانب ان يشعر بانه صاحب اكتشاف عظيم لقارة شعراء شباب، هذا الشيء بالطبع هو خطأ.. فالابوة لمواهب جاهزة غير صحيحة في الشعر والتاريخ لا يرحم هؤلاء لأنهم استسهلوا مهنة المسؤولية وقاموا بوصايا مقدسة على مجموعة من الشباب، لذا فانهم سيسقطون إن لم نقل ان بدايتهم بدأت بالسقوط

Facebook
Twitter