إعلان يتاجر بصحة الإنسان علي السوداني

1
دخل بباب الإعلان والإشهار التلفزيوني عنصر جديد يروّج للدواء وللطبيب وللمشفى .
فهذه حبوب تنجيك من أعظم صداع ، وذاك شراب يجعل معدتك مرتاحة وباردة وسعيدة وتخلو من أيّ قرقرة مخجلة . المشفى في الإعلان يظهر مثل فندق ست نجوم . حدائق وكافتيريات وتلفزيونات وخدمة نت ووسائل اتصال تجعلك في رحلة سياحية وليس في غرفة إنعاش قلب . هذا أمر خطير لأنه يتاجر بصحة الإنسان الفقير خاصة ، ويشبهه في السوء والضرر ، إعلان مدارس خمس نجوم بمعلّم وسيم وصاحبته وسيمة والفرّاشة كذلك حلوة .
ألصحة والتعليم يجب أن يظلّا خارج قوس الجشع وأفواه الحيتان الكبيرة ، أما إذا استمر الأمر منسوجاً على هذا المنوال ، فسنكون قريباً جداً نحن أيتام الله على أرضه ، بمواجهة إعلان يقول لك انك إنْ عملتَ ثلاث قسطرات لقلبك التعبان ستحصل على الرابعة ببلاش .
أو إخلع أربعة أسنان من فكك العلوي ونحن نتكفل بشلع الخامس مجاناً .
أو إن احتجتَ الى دواء ما وأنت جالس مثل تنبل أبو رطبة ببيتك وبين عيالك ، فاتصل بهذا الرقم وتمتع بخدمة التوصيل الدلفري المجاني .
2
أول البارحة تورّطتْ ثلة لطيفة طريفة من فايروسات الفلاونزا بمهاجمة جسدي الناحل .
قلتُ لها انتظريني والبادىء أظلم . طفرتُ صوب المطبخ وأكلتُ نصف كيلو ليمون بلدي على وجبتين تفصل بينهما دقيقتان . دهنتُ منخريَّ بزيت أبو فاس الصيني . سرطتُ ماعون شوربة عدس مداف بالكمّون والليمون وحبة ثوم وحيدة . شربتُ كلاص شاي نامت به شريحتا ليمون وكمشة نعناع . تغرغرتُ بخمس ملاعق حارة من الويسكي البلدي اليسير الذي حلّلتُ شربه بوصفه دواء ممكناً . قفزتُ مثل قطّ منتول صوب السرير ، ولففتُ رأسي الساخن بالبطانية ذات النمر الطائر التي تكفَّل جزؤها السفلي بلفلفة قدميَّ . بعد كمشة ساعات من الواقعة ، كان بمقدوري أن أنصتَ إلى صريخ وعياط فايروسات النشلة الغبية ، التي تتلاوم فيما بينها بجوفي وقد صارجحيماً أحمرَ ، إذ يقول واحدهم لواحدهم وواحدتهنّ لوحيدة باكية
ماذا صنعْنا بأنفسنا ، وقد تركْنا الدنيا كلها وهاجمنا علّوكي القويّ الجبّار ؟

Facebook
Twitter