أيام فوق شاشة الذاكرة

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-bidi-font-family:Arial;}

علي السوداني


هذا نص بصريّ جديد ، أو معزوفة رافدينية بديعة . ربما جرة ألوان تعزف على سلّم الوجع  

ليس ثمة ازاحة في مخيال ييمم بوصلته شطر تجريد الواقعة أو تغريبها . انه حفر خلّاق فوق ذاكرة مشعة قائمة . سنكرز الليلة ، أياماَ من بغداد الحلوة . ثلاثية مدهشة حقاَ :

بيت عمّوني عتيق ، كما لو أنه قارورة نبيذ دائخ ، فيه لذة للشاربين ، هو بيت شقير . صانعان سومريان ماهران ، جاءا ببغداد وزرعاها ، جورية فواحة فوق جبل عمّان .  بغداد التي نذوب فيها كما أغنية صوفية ، أو آهة من آهات عمر بن الفارض .

 يقول الشاعر البغدادي العاشق ، ابن زريق البغدادي :

أستودع الله في بغداد لي قمراَ ،

بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه ….

الليلة ، يأتي الملونان الرافدينيان ، مهدي الأسدي وستار لقمان ، الى حارة الياسمين ، ليشتلا في سمائها المقمرة ، قمراَ من بغداد ، وطيراَ يجرك نحو السبعينية المدهشة ” يا طيور الطايرة ” ومقهى ، وعوداَ مثل قيثارة ، وأستكان شاي من عصرية عوافي ، وعربة ربل ، يجرها حصانان ، واحد يولي وجهه نحو اليمين ، والثاني يحمحم صوب الشمال ، في مفارقة ، من فرط وضوحها ، تكاد تصيح . أما الثالثة ، فهي صالة وغاليري ” دربونة ” ودرابين بغداد العباسية – سادتي – اذ تضيق ، فأن بمقدورك أن ترى في خواصرها ، شرفة تلوّح لأخيتها ، حتى تكاد تقبّلها . شخصياَ ، أميل جداَ نحو المدرسة الواقعية ، ليس في الرسم حسب ، بل في كل أبواب ودكك الفنون الجميلة التي منها النحت ، اذ تذهلني التماثيل المدهشة من احفورات ونصب سومر وآشور وبابل والنيل وأمريكا الجنوبية ووسط آسيا ، وصولاَ الى مطالع القرون الوسطى وأزاميلها ومطارقها التي صيّرت دولة ايطاليا القائمة الآن ، متحفاَ عملاقاَ ، ترى اليه الناس ، فتسكر من قوة الجمال . سيكون الأمر نفسه ، في اللوحة التشكيلية ، وكم يؤلمني منظر شلة من الأغبياء والأستعراضيين والبصاصين ، وهم يتجمعون حول لوحة عبرت حتى حاجز التجريد ، لكن الملاعين الكذابين الممثلين ، مازالوا يزرعون أعينهم فوقها ، ورقابهم تهتز وتنود ، ومصطلحاتهم تتشظى بغير حساب ، وأذ يشعروا بكمون الرسام يلبد خلف ظهورهم ، فأنهم سيمطرونه بالقبل ورص الكف ، والبرطمة التي تعني الرضا والطمأنينة . في المسرح المجرد الذي لا يعرض مثل عرض ” الأنسان الطيب ” لبريخت ، سيكون المرأى أشد مهانة وتنفيراَ ، وسيذبحني ، مشهد عشرة شباب مسلوخين عراة مهزولين ، يتبرغثون فوق دكة ربع مضاءة ، ثم يباغتونك بقومة قوية ، ثم يتراكضون ويتقافزون على غير هدى ، ثم تنزرع أطرافهم السفلى على الدكة ، والعليا على الأجناب شائهة ، وختمة المشهد ، ستكون في متصلة عياط لو شمرتها بوجه كتيبة مدرعة من شداد الرجال ، لبالوا على سراويلهم وولوا مدبرين خاسئين . في الواقع ، أنا لست ضد مسألة ودوخة التجريد ، ففي باب الشعر المنثور الذي خلع عليه النقدة والشعراء ، اسم قصيدة النثر ، سيكون بمقدوري الأنصات ، سبع ساعات متصلات ، لصوت صاحبي المتحمس وهو يلوّن ويمسرح ويتلو عليّ ، ديوانه الجديد ، كاملاَ من دون نقصان ، وأذ تصل تلاوته القاتلة الى قوله الحق  ” خنفساء اللدانة ، تكرّك فوق بويضات الهيولى . خالتي مسبية على رقعة السبايروجيرا . سبينوزا تنظف أسنانها بعكاز الحكمة . ثمة هرة بسبع عيون ، وفيل يقعي بحضن بائعة الروبة . ثمة ثوم ، وطماطة ، وخيار ، ولهانة ، وبوصلة مدلاة من عنق الآلهة . أنكيدو بطح خمبابا وجعل دمه بطوله . خمبابا الليلة مبطوح بحانة سيدوري . ام خمبابا ، طيّنت رأسها وشيلتها بطين أعرج . الخ الخ ” وكما ترون ، فأنا فهمت قصيدة صاحبي من دون عناء ، وصدقته أذ أسرني في خاتمة القعدة ، أنه كان كتب هذه القصيدة ، ضد صدام حسين . في أخير هذا المكتوب ، بودي أن أسألكم وأستأنس برأيكم في مسألة هجيج نصف جمهور مسرحية تجريدية تجريبة ، ووثوبهم صوب دكة المسرح ، وركضهم خلف الممثلين والممثلات اللاهثين من شدة الدور ، لأنتاج مبوسة ضخمة تكفي لشرب دموع ستة عزاءات ومعركة شرف !!

Facebook
Twitter