أزمة السلطة وأزمة التشريع

لا نيابة عن الشعب ولا سبيل الى الديمقراطية الحقيقية  الا بعودة حق السلطة والتشريع الى
الجماهير

إن الثوار لا يدعون بأنهم يقومون بالثورة لأنهم يحسون باحساس الجماهير أو يعبرون عن أمانيها أو يحلمون باحلامها.. إن خطأ جسيما يحدث حينئذ، يتحول الثوار بعده إلى دجالين يستغفلون الجماهير بقصد السيطرة عليها والتحكم فيها. إن الثوار يؤمنون بأنهم لا يعبرون عن أماني الجماهير ولا يحسون باحساسها ولا يحلمون باحلامها. بل إن الجماهير تعبر بنفسها عن أمانيها وتحس باحساسها وتحلم باحلامها.. وتحكم نفسها دون قيود ودون وصاية أو هيمنة من أحد. إن دور الثوار دائما هو تمكين الجماهير من التعبير بنفسها عن تطلعاتها وأمانيها مباشرة، وحصر السلطة في يدها لتصدر قراراتها وتضع برامجها وفق ما تراه لنفسها، وتختار بعد ذلك بنفسها من ينفذ سياستها تنفيذا حرفيا، ويكون من حقها عزله ومراقبته وتوجيهه واستبداله بغيره.فيصبح الشعب هو الرئيس وهو الحاكم، ملغيا بذلك الحكومات التقليدية المتعارف عليها، والتي صار عليها أن تمارس الفشل مرات عديدة في اليوم الواحد، وتقدر نجاحها الوحيد ببقائها في السلطة مدة أطول. لقد حققت الحكومات التقليدية بقاءها في السلطة بالظلم والقهر وباستخدام القوة مثبتة أقدامها على هرم مرتفع من جماجم البشر، يجسد المعاناة التاريخية التي عانتها الجماهير الشعبية عقب فقدانها لسلطة على يد سارقيها من الحكام القاهرين أو المستغلين والدجالين.فلم يكن من السهولة اقناع الجماهير بالقهر والاستغلال، ولكن جميع أنواع الاستغفال والخداع البشرى وعمليات السلب للامكانات المادية والمعنوية كانت قد مورست ضد الجماهير لارغامها على حياة (بيولوجية) منحطة يتناولون فيها طعامهم الغث و يتكاثرون فقط، متخلين مرغمين عن حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لصالح الحكام الهمج والدجالين، ليفرضوا ديكتاتوريتهم على العالم والتاريخ جميعا.. بل لنصل إلى عصر نرى فيه الحكومة التقليدية القهرية نموذجا اعتياديا ومناسبا دون حرج. لقد حقق حكام مثل” فرانكو” نجاحهم الوحيد وهو البقاء في السلطة إلى آخر حياتهم، ولكنهم بقوا بالحديد والنار.إن الانسان يقبل التطويع.. ويتقهقر إذا واجهه الموت بل هو قابل للافناء، ليبقى الحكام في الحكم بلا منازع، هذا هو النجاح من وجهة نظر الحاكمين، أما من وجهتنا فان ما نبحث عنه هو تحقيق حياة جديرة بالتمتع بها.. أم أن هذه الحياة مستحيلة؟. هل تتحقق آدمية الانسان.. أم أن ذلك بعيد المنال؟ هذه القضية هي جوهر الاختلاف بين أنظمة الحكم المتعددة عبر خريطة العالم وبين النظام الجماهيري. فلقد تعودت الناس الأسلوب القديم في الحياة السياسية، واعتقدت أنه النموذج الوحيد القابل للتطبيق، حتى إذا قدمنا النظام الجماهيري الجديد، لم يعد بالسهولة استيعابه وفهم قواعده فهما سليما، حيث الناس يقيسونه بمقاييس المجتمع التقليدي القديم، فلا يستسيغون مثلا أن مجتمعا يقيم دولة دون رئيس.. ودون حكومة حديدية متحكمة قاهرة فوقه.. فإذا تحققت ثورة تقدمية واتخذت نهجا جماهيريا، فإن الصفة التي تطلق عليها هي الدكتاتورية، تشبيها لها بالانقلابات التي تحدث في هرم السلطة ويطلق عليها لفظ ثورة. دون أن يكلف أحد نفسه مشقة الاطلاع على الطرح الفكري والتطبيق العملي للشعارات الجماهيرية المرفوعة التي تحدد.. بأن السلطة للشعب.. والديمقراطية هي الحكم الشعبي.. وإن البيت لساكنه. وإن الثوار الجماهيريين لا يؤمنون بأنهم يعبرون عن الشعب لكنهم يؤمنون بأن الشعب يعبر عن نفسه. وإن واجبهم هو تحريض الجماهير الشعبية على خلق الظرف التاريخي الذي يمكنها من التعبير عن أمانيها مباشرة واختيار من ينفذ قراراتها، وكذلك مساعدة الجماهير الشعبية ودفعها لتحقيق ذلك بالاستيلاء على كامل السلطة ومصادر القوة في المجتمع. إن الثوار الجماهيريين هم مجرد دعاة.. ومعلمين ومبشرين بحياة جديرة بالإنسان، ولائقة بحضارة نظيفة وسليمة يعيش الانسان في ظلها حرا وسعيدا. * وفي المجتمع الجماهيري يكون الشعب هو رئيس الدولة، فضد من تكون الاحتجاجات أو المظاهرات؟ وضد من تنظم الأحزاب السياسية؟ هل هي ضد رئيس الدولة، الشعب؟.. لسلبه سلطاته، وهو أمر لا يتجرأ أحد على اعلانه! أم هي ضد الثورة الجماهيرية؟ حيث يقوم الذين تضرروا من سيادة الشعب وهيمنته على مقدراته، بمحاولة ضرب الظرف التاريخي الذي مكن الجماهير من التحرر والتعبير عن أمانيها وأحلامها بنفسها، لينصبوا أنفسهم حكاما ومعبرين عن أماني الجماهير وأحلامها. إن العمل ضد سيادة الشعب وسيطرته على السلطة هو عمل خياني قذر لا مبرر له، إلا الانحطاط الأخلاقي والتدهور الروحي الذي يعانيه أفراد أنانيون، تدفعهم مصالحهم الخاصة، وجهلهم بالقيم الثورية والمثل النبيلة، التي تجعل أفرادا آخرين في المقابل يضحون بمصالحهم وبأنفسهم من أجل الجماهير الشعبية ولحماية سلطتها وتأكيد سيادتها. إن صراع الأدوات السياسية التقليدية على السلطة بأشكاله العديدة، من انقلابات.. ومظاهرات.. واطاحة.. واسقاط برلمانات.. وسحب ثقة من حكومات وتنصيب أخرى، هو صراع عابث لا جدوى منه، ولايهم الجماهير الشعبية في شيء اطلاقا، لأنه مجرد صراع سلطوي ببن أدوات سلطوية.. تديره لتنتصر فيه واحدة وتلغى الأخريات، بمعزل عن الجماهير الشعبية، التي سنكون خاسرا دائما لا أمل له في الخلاص. إن الصراع الجدي الوحيد هو صراع الجماهير الشعبية ضد جميع أدوات الحكم- من أفضل أداة حكم إلى أسوأها- بما في ذلك الأدوات الصديقة للجماهير. لأن الصراع لم يعد يستهدف فرز النافع من غير النافع من تلك الأدوات، ولكنه يستهدف ايصال الجماهير إلى السلطة وإلغاء سلطة الأدوات.إن انتصار أداة حكم ووصولها إلى السلطة يعني قيام الدكتاتورية وسقوط الجماهير الشعبية في فبضة سلطة ليست بيدها. فإذا كانت الأداة المنتصرة معادية للجماهير، فإن حكمها المعادي معروف منذ البداية ولاخلاف فيه، أما حين تكون الأداة المنتصرة صديقة للجماهير، فإنها ستمارس الدكتاتورية باسم الجماهير وباسم مصالحها وستفشل في تقمص هذا الدور حتما مما يقلبها إلى أداة قمع تصطدم بالجماهير عند بروز التناقض بين احساس الجماهير واحساسها. إن الأداة السلطوية الصديقة للجماهير تعتبر نفسها مسؤولة عن الاحساس نيابة عن الجماهير، وإن احساسها وتطلعاتها جميعا لصالح الجماهير، والمنطقي هو أن للجماهير احساسها الخاص، بل من المستحيل أن يحس أحد باحساس آخر مهما كان قريبا منه. وحين تكتشف الأداة السلطوية أن احساس الجماهير مختلف عنها فهي تعتبره موقفا عدوانيا ضد السلطة الصديقة للجماهير وبالتالي عملا معاديا للجماهير، ومن هنا يتوفر المبرر لضرب الجماهير ذاتها. إن المشكل ليس صراعا مجردا بين أدوات الحكم الصديقة للجماهير والأدوات المعادية لها، بل هو صراع فعلى بين جميع هذه الأدوات- الصديقة والمعادية- من جهة، وبين الجماهير الشعبية من جهة أخرى. إن انتصار أية أداة حكم ووصولها إلى السلطة يعنى هزيمة الجماهير الشعبية، وبالتالي هزيمة الحرية والديمقراطية، لأن انتصار أداة حكم يعنى قيام الدكتاتورية، مهما كانت هذه الأداة صديقة للجماهير. أما إذا انتصرت الجماهير فإن ذلك يعنى انتصار الديمقراطية. ويكون واجب الثوار هو اذكاء الصراع. وتفجيره في كل مكان، ملقين بثقلهم وقوتهم إلى جانب الجماهير الشعبية مما يؤدى إلى هزيمة جميع أدوات الحكم، صانعين من هزيمة الدكتاتورية انتصار الجماهير الشعبية التاريخي وانتصار الديمقراطية. * إن هذا الطرح ليس جديدا من حيث المنطق التفسيري(الفلسفي) فهو أمنية الانسان وتطلعه منذ كان، ولو راجعنا وجهات النظر الفلسفية عبر التاريخ لوجدناها تحمل هذا المعنى أو شيئا مقاربا له.. فحتى(هوبز) الفيلسوف الانجليزي المعروف بمناصرته للملكية ضد الجمهورية، والذي تعتبره الدراسات الفلسفية والاجتماعية نصيرا للملوك ومعاديا للجماهير الشعبية، كان قد نادى في واقع الأمر بأن السلطة لا يمكن أن تتجزأ. وهو ما فسر له تفسيرا سطحيا، فاعتبر مناصرا للملوك، في حين أنه قال بعدم جدوى مشاركة الملك في السلطة.. ولقد وقف(هوبز) ضد البرلمان الذي شارك الملك تشارلز السلطة في بريطانيا بسبب تحليله الخاص عن عدم تجزؤ السلطة. وثبت بعد ذلك صدق تحليله حين أدى تجزؤ السلطة إلى حرب أهلية في بريطانيا.عرف(هوبز) أن الملك يجسد السلطة- في ذلك الوقت- وإنه لا فائدة من تقسيم السلطة وتدريجها بحسب الاختصاصات، لأن المسألة ليست كما يراها المحللون السياسيون، بل هي أعمق من ذلك كثيرأ، فالصراع الجاري حاليا كانت تفاعلاته قد تراكمت منذ أن تجزأت السلطة ببن الملك والنواب. والحل العلمي والسليم هو أن تمارس السلطة ككل من طرف جهة واحدة.. وحيث لم يكن الشعب مطروحا كأداة حكم في المجتمعات القديمة، وليس من الممكن أن يتنحى الملك لأحد، طرح هوبز الملك وحده أداة للسلطة. ولم يحظ طرحه هذا الا بتفسيرات سطحية وصمته بأنه مضاد للديمقراطية، لأنه مضاد للنواب!. وبأنه داعية للدكتاتورية بسبب دعوته إلى انفراد الملك بالسلطة، ولكن صار بإمكاننا الآن أن نقول بعدم تجزئة السلطة، وإن السيادة لا يمكن أن تتجزأ، وإن أية تجزئة لها هي تحطيم لها. ولكننا نطرح أن تتجسد السلطة والسيادة في الشعب، بأن تقوم الجماهير الشعبية بإلغاء أية أداة للسلطة من ملوك ونواب.. وأحزاب. ان الحزب جزء من الشعب وسيادة الشعب لا يمكن تجزئتها، فحين يدعى حزب بأنه يمثل السيادة فهو في الواقع يحطمها ويدمرها. فالسيادة تمارس كاملة.. أولا تمارس.. فإما أن تمارسها الجماهير، وتكون سيادة حقيقية وكاملة، أو تزيف بممارسة فرد لها أو بممارسة حزب أو جبهة أو مجموعة أحزاب. ان تحديد أداة السيادة تحديدا لا يقبل المشاركة هو الحل السليم، فلا توجد مشاركة شعبية في السلطة، فإما أن يمارس الشعب السلطة كاملة.. وإما أن يمارسها غيره.. ولا وسط على الاطلاق. فسيادة الشعب لا تتجزأ ولا يمكن التنازل عنها أو عن جزء منها. ولذلك يكون الحل العلمي السليم هو أن يمارس الشعب سيادته كاملة وينفذ سلطته مطلقة دون شريك له فيها. فلا يجوز مثلا أن يؤتى بفرد، ويمنح نسبة في السلطة والسيادة 25% مثلا لأنه ممتاز ومخلص أو متفوق. ولا يجوز أن يؤتى بجهة ما وتمنح أي قدر من السلطة مهما كان ضئيلا ومهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك. فإذا حدث شيء من هذا فليس سوى عبث لا يجب أن يستمر حتى ليوم واحد. إن رؤيا(هوبز) عن السلطة صحيحة من الناحية النظرية، فقد ثبتت استحالة تجزئة السلطة وتجزئة ممارسة السيادة. خاصة وإن الذين يمارسون السيادة سيتكفلون بسن القوانين، ومن المعروف في نظرية القانون(إن القانون تجب طاعته)، ويحاسب أولئك الخارجون عن القانون والمخالفون لنصوصه كمجرمين، وهى مشكلة معقدة أخرى تضاف إلى المشكلة التي ذكرناها وهي تجزئة السيادة. إن المواطن الخارج عن القانون والمتمرد عليه لديه المبررات التي تجعله يفعل ذلك، دون أن يسمح بوصمه بالأجرام وبالخروج عن العدالة. فلماذا يخرج المواطن عن القانون؟ فلو كان القانون شيئا جميلا، فلماذا لا يتبعه المواطن؟ إن المواطن حقيقة يحس بالتناقض بينه وبين القانون ويرى بأنه غير عادل، وبالتالي لا تجب طاعته وإنما يجب التمرد عليه ومخالفته. لكن القوانين تقول بارغام هذا المواطن على طاعتها، ولو بقطع رأسه واعدامه. إن اغتصاب الطاعة هنا رغم أنف الجماهير الشعبية هو يحد ذاته أزمة حقيقية لا يمكن تجاهلها في الفكر السياسي والاجتماعي. إن آلاف الناس يموتون كعقاب لهم على خروجهم عن القوانين، وهم يسألون لماذا يجب أن نطيع القوانين؟. فيجابون.. لأنها عادلة! إن الناس يسلمون معنا بأن(القانون يجب أن يطاع) ولكن هل معنى هذا أن القانون لا خطأ فيه؟ ولكنهم يقولون هل المطلوب منا مثلا:-  أن نطيع تلك القوانين التي صنعها النواب والوزراء والحكام والأمراء؟ وباعوا بها أوطاننا وكرامتنا وحرياتنا، وصاغوا خلالها مصالحهم المادية مواد محددة وبنودا مبوبة.. ووضعوا أنفسهم في وضع الحصانة القانونية التي لا يجوز المساس بها لا قولا ولا عملا كالعبارة التي ترد عادة في بعض الدساتير” الملك مصون.. وغير مسؤول” أو “ظل الله في الأرض” أو كتلك الاتفاقيات المجحفة التي تفرضها دولة كبرى على شعب صغير، أو كتلك القوانين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.. التي تمايز بين الطبقات، وتجعل طبقة تعمل كعبد لطبقة أخرى وتضع أراضي الدولة كلها ملكا لطبقة محدودة من أفراد المجتمع. وقوانين العمل وعقود الايجار التي تمنح حقوق العمال والأجراء لآخرين لاحق لهم فيها… الخ. هل يطلب إلينا أن نطيع القوانين؟ هل أعمل عشر ساعات وأسمح لآخر وفقا للقانون أن يسرق منها خمساً؟ هل أسمح لنفسي بالبقاء في الصحراء بلا مأوى، وموارد بلادي كلها حكر على عدد محدود من الناس، فإذا حاولت الحصول على بيت، ساقوني إلى للمحكمة وحوكمت بالسرقة لأنني اعتديت على عمارة الرأسمالي، الذي يملك عشرات العمارات من ثروة بلادي وعرق عمالها؟.. كيف تطاع مثل هذه القوانين؟  إن الناس في الواقع لا يرون مبررا لطاعة القوانين سوى الخوف! وإذا لم يكن كذلك، فكيف نفسر قبول الناس للقوانين التي تصدر عن حزب يستولي على السلطة متضمنة أنه صاحب البلد بلا منازع؟.  وإن رئيس الحزب هو رئيس الدولة وقائد الجيوش، الذي بيده مفاتيح كل شيء. ولو خالفه أي من المواطنين أو حتى استفسر عن هذه الوضعية غير المنطقية، اعتبر بالقانون متمردا ومعارضا ومعاديا. إن الخوف وحده هو الذي يجعل الناس تطيع القوانين رغم عدم اقتناعها بها. بينما تطالبهم كتب الأديان السماوية والوضعية وعلوم الاجتماع والتاريخ والنفس كلها، بطاعة القانون، لأنه عادل. ولكن الناس يعرفون بأن القوانين ليست عادلة. وقد وضعتها أدوات مشكوك بنزاهتها، وليست مؤهلة بطبيعتها لوضع قوانين عادلة. * فمن أين يأتي القانون العادل الذي تجب طاعته، ونعامل الناس وفقا لمضامينه؟.. إنه القانون الذي يصنعه الناس بأنفسهم لأنفسهم. فيضعون قوانينهم المعبرة عن مشاعرهم وأحاسيسهم والمتضمنة لأمانيهم وطموحاتهم. حاملة رؤاهم للحياة الخبرة التي يرغبون. وحين يصوغ الانسان القانون بنفسه ولنفسه، فإنه لا يجد مبررا لعدم طاعته، لأنه سيكون في نفس الوقت قادرا على تعديله وإلغائه أيضاً، فلا شيء يجبره على اتباعه سوى رغبته في تطبيق القانون ذاته. * ولكن كيف يتسنى ذلك من الناحية العلمية؟ أي كيف يمكن للجماهير الشعبية أن تصوغ كلها قانونها الذي تريده، لكي تطيعه؟ لقد أصبح هذا ممكنا من الناحية العلمية عن طريق المؤتمرات الشعبية، حيث تقسم الجماهير الشعبية نفسها جغرافيا إلى مؤتمرات شعبية، ويعرض الأمر عليها فيكون لجميع الأفراد حقهم في ابداء وجهات نظرهم، ليصاغ بعد ذلك قانون جماعي من خلاصة آراء جميع المؤتمرات الشعبية، فيكون هذا هو القانون العام الذي سيطيعه الناس لأنهم صنعوه لأنفسهم برغبتهم فلا يعارضونه ولا يتمردون عليه، ولا يشكون في مصدر تشريعه، فإذا ظهر خطأ بعد ذلك في هذا القانون فإن المواطنين الذين صاغوه أنفسهم يملكون حق تعديله ونقضه وإلغائه، أو استبداله بقانون غيره. إنها الطريقة الوحيدة لمعالجة أزمة القانون علاجا حقيقيا ومنطقيا. وهى الوسيلة الوحيدة أيضاً لبناء حياة جديرة بأن يتمتع بها الإنسان

Facebook
Twitter